متى يتحرر تاسي من الهبوط؟

20/10/2022 1
بسام العبيد

استبقت الأسواق في هبوطها منذ بداية العام الجاري كل الأخبار والأحداث التي ظهرت وانتشرت فيما بعد ذلك من تراجع للنمو، وانكماش في الناتج المحلي الإجمالي لكبرى الدول، وما رافقه من تضخم ورفع للفائدة، وما يتبعها من حديث عن الركود، وتراجع لأرباح الشركات، وتغير في نسب البطالة، وذلك كما فصلناه في مقال سابق، أن الأسواق تسبق في حركتها أغلب الأحداث والأخبار. لذلك ومن هذا المنطلق كذلك، فالأسواق لن تنتظر الأخبار الإيجابية لتعكس حركتها، بل ستستبق حركتها في الصعود قبل صدور تلك الأخبار، فمن يتابع الأخبار ويبحث بين طياتها عن إشارة تحرك الأسواق وتدفعها لتعكس اتجاهها من الهبوط إلى الصعود، سيكون قد فوت عليه كثيرا من الحركة أو المسافة ليلحق بها.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، فالتضخم عدو الأسواق لما يترتب عليه من رفع للفائدة التي تسحب السيولة من أسواق الأسهم، وتؤثر سلبا في أرباح الشركات وتزيد من تكلفة القروض عليها، لكن الأسواق لن تنتظر عودة التضخم إلى مستهدفات "الفيدرالي" عند 2 في المائة لسببين: الأول، أن ذلك سيحتاج إلى وقت طويل ليتحقق وسيمر بعقبات كثيرة قبل الوصول إليه. الثاني، أن الأسواق ترغب في أن يبدأ التضخم بالتراجع عن مستوياته المرتفعة حاليا فوق 8 في المائة، ما سيدفع "الفيدرالي" إلى التوقف أو التهدئة من عمليات الرفع الشرسة، وبالتالي ستستقر معدلات الفائدة عند مستوى معين، ما يمنح الأسواق مجالا لالتقاط أنفاسها وإعادة ترتيب أوراقها من جديد.

فمن كان ينتظر سماع أخبار سلبية للخروج من الأسواق، فقد سبقت حركة الأسواق كل الأخبار وهبطت قبل ذلك، ومن ينتظر حاليا سماع أخبار إيجابية للعودة إلى الأسواق، فستكون الأسواق قد تحركت قبلها بوقت كاف. لذلك من المهم التركيز على حركة السوق الفنية بعيدا عن الأخبار التي لا تزال تمطر الأسواق بكم هائل من الجرعات السلبية، فالأخبار دائما ما تكون متأخرة والأسواق دائما ما تكون مبكرة في حركتها.

حاليا، يتداول معظم الأسواق تحت مسار هابط، ولمعرفة متى يتم التحرر من هذا المسار الهابط لا بد من حدوث أمرين أساسين: الأول، اختراق المسار الهابط. والثاني، اختراق آخر "أقرب" قمة على هذا المسار.

ولتطبيق ذلك على المؤشر العام للسوق السعودية، فستحتاج السوق لإنهاء مسارها الهابط إلى اختراق منطقة 12100 نقطة "منطقة متغيرة تنخفض تدريجيا"، وكذلك اختراق آخر قمة على هذا المسار وهي منطقة 12700 نقطة، بعد ذلك يمكننا القول إن السوق أنهت موجتها الهابطة ودخلت موجة صاعدة جديدة، وإلى حين ذلك فمن غير المستغرب أن تشهد السوق عمليات كسر لقيعانها الأخيرة.

من جهة أخرى، ونحن في موسم إعلانات الربع الثالث، فهناك من يبحث عن تمركز داخل القطاعات والشركات التي لا تزال تحقق أرباحا ونموا على الرغم من تكالب الأحداث العالمية، ومخاوف ضعف الطلب، وارتفاع نسب الفائدة. والتمركز عادة يكون على دفعات وتكون مستهدفات المستثمرين فيه على المدى الطويل، بحيث لا تقل عن عامين، فهناك عدد من القطاعات التي تجذب اهتمام المستثمرين خلال الأزمات، كقطاعات الطاقة والمصارف والبتروكيماويات، وغيرها من القطاعات التي يعدها المستثمرون قطاعات حيوية وضرورية للمجتمعات. والأزمات تسعر في الأغلب كثيرا من الأسهم الجيدة بأقل من قيمتها العادلة مما يولد كثيرا من الفرص للتمركز بعيدا عن صخب الأحداث.

 

 

نقلا عن الاقتصادية