شهدت الأسواق الأمريكية تراجعات حادة خلال ختام الأسبوع الماضي ومطلع الأسبوع الحالي بعد تصريح جيروم باول رئيس الفيدرالي الأمريكي يوم الجمعة الماضي في ملتقى جاكسون هول الذي يقام سنويا منذ عام 1981 ويعد هذه اللقاء من أهم اللقاءات التي يعقدها الفيدرالي الأمريكي رغم عدم وجود قرارات يتضمنها هذا اللقاء إلا أنه يعد مهما للمستثمرين حيث يجتمع فيه أصحاب القرار في البنك المركزي وتشكل تصريحاتهم خارطة الطريق لسياسة الفيدرالي وبالتالي تكون لها انعكاساتها الكبيرة والمؤثرة في أسواق الأسهم والسلع والعملات.
كانت للنبرة التشددية للسيد باول رئيس الفيدرالي تأثيراتها الكبيرة وبشكل سلبي في المؤشرات الأمريكية حيث تراجعات المؤشرات الثلاثة "الدوا جونز – الإس آند بي 500 – الناسداك" خلال ثلاث جلسات فقط بين 5 و7 في المائة، فقد حمل تصريح السيد باول عزم الفيدرالي على الاستمرار في السياسة النقدية الحالية التي تعد متشددة في رفع معدلات الفائدة ورغم تراجع نسبة التضخم الشهر الماضي إلا أنه ذكر بشكل واضح أن هذا التراجع كان أقل من المتوقع وأنه كان يأمل أن تكون الخطوات السابقة للبنك لها تأثير أكبر من ذلك على معدلات التضخم وأن الفشل في مكافحة التضخم سيكون أكثر إيلاما من تحمله وقتا طويلا ولا مجال لذلك، ما يعني عزم الفيدرالي على ترويض التضخم وإعادته للنسبة التي يستهدفها البنك عند مستويات 2 في المائة، وهي نسبة بعيدة عن المستويات الحالية عند 8.5 في المائة، ما ترجمته الأسواق بشكل سلبي من خلال تراجعها بشكل كبير خلال ثلاث جلسات على التوالي حيث يعني ذلك استمرار رفع الفائدة التي تعمل بشكل عكسي مع أسواق الأسهم وأن الفيدرالي ماض في رفع معدلات الفائدة، ما يعد مزيدا من الضغط على الأسواق عموما والشركات خصوصا التي تتأثر أرباحها سلبا عند رفع الفائدة فضلا عن زيادة الفائدة على قروضها.
لكن رغم ما ذكره باول إلا أنه في نهاية حديثه علق قرارات الفيدرالي بما سيحصل عليه من بيانات اقتصادية قبيل اجتماعه في سبتمبر الحالي وأن نسبة رفع الفائدة ستعتمد في المقام الأول على تلك البيانات وتقييم الفيدرالي لها.
ومع كل رفع لمعدل الفائدة يرتفع الدولار الذي يضغط من جهة على أسواق الأسهم وعلى النفط والذهب من جهة أخرى حيث تربطه علاقة عكسية بينهم.
من جهة أخرى تواصل أسعار النفط ارتدادها فوق مستوى 100 دولار للبرميل "خام برنت" مقتربة من منطقة مقاومة 103 دولارات التي تشكل متوسط 50 يوما وربما تواصل الارتفاع لمستوى 108 إلا أن الأسعار لا تزال تحت اتجاه هابط من 139 دولارا وللتحرر من هذا الاتجاه الهبوطي لا بد لها من اختراق 112 والإغلاق فوق هذا المستوى ليومين متتاليين وإلا سيكون ما يحدث من ارتفاع هو مجرد ارتداد وعملية إعادة اختبار قبل كسر مستوى 92 دولارا الذي يعد آخر قاع في هذه الموجة وارتد منه خام برنت منتصف أغسطس الماضي.
ولا تزال السوق السعودية متماسكة فوق مناطق الدعم ومحافظة على متوسطاتها للـ 50 يوما رغم هبوط الأسواق العالمية بشكل قاس، ما يعني الثقة بها على المدى الطويل.