مقترحات لخفض تكلفة السكن

18/07/2022 0
د.صالح السلطان

مع معاناة العالم أزمة سكنية. ويقف الغلاء على رأس هذه الأزمة، يطرح كثيرا سؤال. هل متوقع انخفاض أسعار العقار في العالم عامة وفي دول مجموعة العشرين خاصة، انخفاضا مؤثرا تأثيرا قويا، كالنصف مثلا، أي ما يسمى انهيار؟ من المستبعد حدوث ذلك دون حدوث عوامل تعمل على حدوث ذلك الانخفاض القوي في الأسعار. وأهم عامل حصول ضعف حاد في الاقتصادات، بما يخفض حجم الاقتصاد تخفيضا كبيرا ملموسا، أو ما يسميه البعض انهيارا، ولمدة طويلة. ولكن ضرر انهيار اقتصاد بلد ما أعظم على الناس من ضرر الغلاء. نسأله سبحانه أن يبعد عنا كل شر.

مشكلة غلاء العقار مشكلة أعمق وأبعد، من تحميل مسؤوليتها لطرف أو قطاع. مشكلة تعانيها مختلف الدول والمجتمعات، مهما بلغت من الثراء أو ضخامة حجم اقتصاداتها، أو قوة التطور والتنافسية في أسواقها العقارية. وزادت من حدة الأزمة أحداث جسيمة لا تخفى على الإخوة القراء. وقد طرحت عالميا دراسات وسياسات وأفكار تتصف بالعمق والموضوعية تستهدف تخفيف أزمة السكن وغلائه.

هذا المقال يطرح مقترحات ومرئيات لخفض عبء تكلفة السكن. وبعضها عام، وبعضها يركز أكثر على أوضاع بلادنا.

من المقترحات التوسع في تطوير المحافظات والمدن الصغيرة وتوفير وسائل نقل عامة سريعة كثيرة الرحلات بينها والمدن الكبيرة. وكنا نعجب قبل أعوام بعيدة من خبر سكن ملايين الناس في بلدات ومدن صغيرة، لكن عملهم في مدن كبيرة مجاورة. لندن مثال مشهور.

من المقترحات إدخال مزيد من التنويع في خيارات المساحات والبناء والتطوير السكني، وإدخال مزيد من تخفيف القيود المؤثرة في التكلفة ضمن حدود طبعا. سعت حكومات كثيرة إلى تقليل أو تخفيف ضوابط تحكم المساحات والتوزيعات السكنية والحدود الدنيا. كما يقترح تخفيف السياسات الموجهة لليد العاملة الوافدة للعمل في قطاع المقاولات بما يساعد على تقليل تكلفة اليد العاملة في البناء والتطوير.

من المقترحات توسيع نطاق نسبة المساحات التجارية، بما يدعم المالية العامة، كما من المفيد إدخال مزيد من المرونة في استخدام الأراضي واستخدام المباني ضمن قواعد مدروسة.

للوقف دور في دعم ومساندة فئات أكثر احتياجا، لكن مساهمة الوقف في الناتج المحلي ضعيفة في بلادنا. نتطلع إلى تطوير تمويل واستثمار الأوقاف. ما هو قائم حاليا بحاجة إلى مراجعة وتطوير، تبعا للتطورات في مجالات التمويل والاستثمار والاستغلال. المراجعة والتطوير، سواء لأوقاف جديدة، أو تحسين استغلال القائم، وسواء لمعالجة مشكلات وعيوب قائمة أو رفع كفاءة إدارة الأوقاف، واستحداث ما يناسب. طبعا مع مراعاة الاعتبارات الشرعية والتطورات الاقتصادية عامة والتجارية والتمويلية خاصة والتطورات التنظيمية والقانونية.

من المقترحات إنشاء صندوق استثماري سكني، يساعد على تحمل سداد نسبة من القروض لفئات من السكان. ما مصدر تمويل هذا الصندوق؟

لدينا أراض حكومية وغير حكومية غير مستغلة. وهناك مساحات أكثر من الحاجة. على سبيل المثال، مساحة مطار الملك خالد في الرياض تفوق بنحو عشر مرات مساحة مطارات كمطار هيثرو في لندن أو مطار جون كندي في نيويورك رغم أن عدد المستفيدين من تلك المطارات أكثر بمرات من عدد مستخدمي مطار الملك خالد.

المقترح تحديد الاحتياجات بطرق موضوعية حيادية، واستثمار الأراضي الزائدة عن الحاجة، وفق معايير يعرفها أهل الشأن. وأتوقع أن تبلغ عوائد هذه الاستثمارات عشرات المليارات سنويا. تساعد هذه المليارات على تحمل سداد أقساط سكنية لفئات من المواطنين، دون حاجة إلى تحميل ميزانية الدولة عبء هذا السداد.

مقترح برنامج ادخار إسكاني على المدى البعيد

يقترح إنشاء برنامج ادخاري للإسكان، كيف؟ يقتطع من راتب الموظف المشترك، سواء في القطاع العام أو الخاص 2.5 في المائة "أو قريبا منها سواء دون أو أكثر"، والحكومة بنسبة مقاربة، ربما بوساطة الصندوق الاستثماري المقترح. وممكن أن ينظر في مساعدة حكومية بطريقة ما لمساهمة صاحب العمل، وفق ضوابط طبعا. بهذا تتكون للبرنامج اشتراكات مجموعها قد يبلغ نحو 7 في المائة إلى 8 في المائة من راتب الموظف. وستكون الحصيلة السنوية لا تقل تقديرا عن 30 مليار ريال في الوقت الحاضر.

ستسهم أموال هذا الصندوق وعوائدها في توفير دعم تمويلي مستقر للإسكان الميسر وبحوثه. يحق للمشترك بعد اشتراك لمدة لا تقل عن 15 عاما تسلم مبلغ نقدي معتبر، يسهم مع مصادر التمويل الأخرى في مساعدة المشترك على دفع الدفعة المقدمة، بما يخفف أعباء أقساط تمويل تملك سكن حجما ومدة. وستساعد المشترك على تملك سكن أقرب إلى تطلعاته، من حالة عدم وجود البرنامج أصلا. ويمكن للبرنامج دعم الإسكان بطرق وسياسات أخرى.

تمويل بنكي بالجملة وبفائدة تقارب ما تقترض به الدولة

ينبغي جعل القروض البنكية المدعومة من الدولة أو معاملتها كأنها قروض حكومية وبسعر الجملة بصورة مباشرة أو غير مباشرة. أي إن الفوائد البنكية ستكون متدنية نسبيا. وتعمل الترتيبات والضوابط والمعايير بصورة مسبقة ومعلنة وواضحة مفهومة. وطبعا تأخذ الدولة احتياطياتها لضمان السداد من المقترضين.

 
 
 
نقلا عن الاقتصادية