نجاح مبهر للحج رغم التحديات

14/07/2022 1
طلعت بن زكي حافظ

اختتمت مناسك حج هذا العام 1443/2022 بنجاح مبهر -ولله الحمد- رغم التحديات المحيطة التي كانت تُلوح بسماء الصحة العالمية ولا تزال في ظل استمرار إرهاصات وتداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد، التي لا تزال تَحصد أرواح أعداد كبيرة من البشر يومياً على مستوى العالم.

ولكن ورغم تحديات الجائحة، إلا أن المملكة العربية السعودية بتوجيه من القيادة الرشيدة ومتابعة حثيثة ودعم لامحدود مادي ومعنوي، تَمكنت منظومة خدمة ضيوف بيت الله الحرام التي جَمعت تحت سقفها ثلاثين جهة حكومية و170 جهة وشركة من القطاع الخاص، من أن تُقدم خدمات جليلة وعظيمة لحجاج بيت الله الحرام هذا العام على الصعد الأمنية والصحية كافة بما في ذلك الخدمات اللوجستية المصاحبة من نقل وإرشاد وتوعية وخلافه تحت شعار "بسلام آمنين" رغم عودة الحج للأعداد الكبيرة والضخمة من الحجيج، حيث قد قارب أعداد حجاج هذا العام المليون حاج (899,353 حاجاً، منهم 779,919 حاجاً قدموا من الخارج عبر المنافذ المختلفة و119,434 حاجاً من مواطنين ومقيمين).

موسم حج هذا العام اختتم مناسكه وشعائره المختلفة دون تسجيل أية حالات إصابات أو تفشى لأمراض معدية ولله الحمد والمنة، رغم أن أعداد الحجاج قد تضاعف في هذا العام بأكثر من 14 ضعافاً مقارنة بموسم حج العام الماضي، الذي بلغ فيه أعداد الحجاج 60,000 ألف حاج.

لقد كان للتجهيزات الطبية الحديثة والخدمات الصحية المتطورة بعد توفيق الله والتي تجاوز قوامها أكثر من 230 ألف منشأة صحية وأكثر من 25 ألف من العاملين بالطاقم الطبي، الأثر الأكبر في نجاح موسم الحج، سيما وأنها قد قدمت وفق أعلى المستويات، سواء فيما يتعلق بالنسبة للمستشفيات الميدانية الموجودة بالمشاعر المقدسة أم تلك الموجودة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، إضافة إلى الخدمات الإسعافية التي يقدمها الهلال الأحمر السعودي وتقدمها مكاتب البعثات الطبية في مثل هذه المواسم.

كما ولقد كان للاشتراطات الصحية التي فُرضت على الحجاج، وبالذات المرتبطة بالتحصين ضد فيروس كورونا المستجد وكذلك تعاونهم دوراً كبيراً في تحقيق المستهدفات الصحية الإيجابية للمحافظة على سلامتهم، وكان أيضاً لتوظيف التقنيات الحديثة والتوسع في استخدام التكنولوجيا الحديثة من تطبيقات ذكية، كبطاقات الحج الذكية وغيرها من الخدمات الإلكترونية والرقمية، دوراً كبيراً ليس فقط في التسهيل على الحجاج أداء والقيام بمهمات وواجبات والتزامات مناسك الحج فحسب، وإنما أيضاً في الحرص على تقديم جميع الخدمات بجودة عالية في جو وبيئة مفعمة بالأمن والأمان والراحة التي ضمنت راحتهم وسلامتهم.

وبرأيي لعل من بين أبرز الجهود الحكومية التي ساهمت كذلك في نجاح موسم حج هذا العام، الخدمات الأمنية والقدرة الفائقة على إدارة خطط التفويج وإدارة الحشود، التي تمت وفق خطط مسبقة وجداول زمنية محددة، ساهمت في تحقيق المرونة العالية، المرتبطة بحسن التنظيم بأعلى الدرجات الممكنة سواء كانت تلك المرتبطة برمي الجمرات أم تلك المرتبطة بطواف الإفاضة، والتنقل ما بين المشاعر المقدسة.

كلمة "الرياض" بقلم الأستاذ هاني وفا رئيس تحرير هذه الصحيفة بعنوان "شرف لا يضاهى"، شَخصت بوضوح تام حجم الخدمات التي سخرتها الدولة لخدمة حجاج بيت الله الحرام، سواء تلك المرتبطة بتجنيد الطاقات البشرية أم تلك المرتبطة بتسخير الموارد والإمكانات المادية، التي ساهمت جميعها رغم محدودية الأيام أن يلمس ضيوف الرحمن اهتمام القيادة الرشيدة -رعاها الله- بكل تفاصيل هذه الشعيرة العظيمة، حيث ذكرت الكلمة، "قيادتنا تبذل الغالي والنفيس من أجل خدمة الحرمين الشريفين، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل إن خدمة ضيوف الرحمن تشهد عاماً بعد آخر تطورات في الخدمات المقدمة كافة، فأصبح الحج والزيارة رحلة غاية في اليسر والسهولة والأمن والأمان بفضل المولى عز وجل ثم بتسخير الإمكانات المادية والبشرية على مدار الساعة؛ حرصاً على أن تكون رحلة الحج رحلة إيمانية خالصة كما يجب أن تكون".

يُذكر أن حجم الإنفاق الحكومي على موسم حج هذا العام قد بلغ 3 مليارات و300 ملايين ريال سعودي، تمثل في الإنفاق على التوسعات والبنية التحتية والخدمات الأساسية، بُغية ضمان راحة الحجاج والتعزيز من تجربتهم في أداء الركن الخامس من أركان الإسلام، سيما وأن هذا الإنفاق قد تزامن مع ظروف عالمية وضغوط تضخمية لم يشهدها العالم منذ عقود مضت، وبالذات وأن تكلفة الحج هذا العام قد شَهدت ارتفاعاً ملحوظاً، ولكن رغم ذلك فإن كافة الخدمات العامة التي تقدم لضيوف الرحمن لا تتقاضى الدولة عنها أي مقابل مادي، سوى ما يدفعه الحاج مقابل الإقامة والانتقالات وتذاكر الطيران التي يستفيد منها القطاع الخاص مقابل تقديمه لتلك الخدمات.

أخلص القول؛ إن موسم حج هذا العام قد سجل نجاحاً مبهراً آخر للمملكة العربية السعودية، وبالذات في قدرتها على إدارة موسم اتسم بوجود تحدٍ صحي عالمي، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الخدمات العامة والأساسية التي تقدمها الدولة للحجيج بلا مقابل، إلا أنه وعلى الرغم من ذلك فقد نجحت المملكة بما حشدته من إمكانيات بشرية ومادية أن تُتمم الموسم في جو مفعم بالطمأنينة والأمن والأمان لتترجم بذلك واقعية ومصداقية شعار هذا حج هذا العام، حج "بسلام آمنين".

 

 

نقلا عن الرياض