تصحيح بوصلة العلاقات السعودية - الأمريكية

21/06/2022 1
فضل بن سعد البوعينين

تحديات كبرى تعرضت لها المملكة خلال السنوات القليلة الماضية، وضعتها في مواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية. بدا وكأن الحزب الديمقراطي قد وضع أجندته الخاصة ضد المملكة، منذ أن دخل الرئيس الأمريكي جو بايدن البيت الأبيض، وربما قبل ذلك بكثير.

فاستراتيجية المواجهة المعلنة كانت أكثر وضوحا، وعدائية دون أن يكون هناك مسببات حقيقية لها. فالعلاقات السعودية - الأمريكية المتجذرة لم تتعرض لما يمكن أن يرقى لكل تلك العدائية التي تبناها الرئيس الأمريكي، وحزبه، ومنظومة الإعلام الأمريكية الموجهة.

التزمت المملكة مسارها الدبلوماسي المعتاد، ورؤيتها السياسية تجاه الأحداث والمتغيرات الطارئة، وأظهرت الكثير من الصبر والأناة مستفيدة من خبراتها السياسية العميقة، وحكمة قادتها في التعامل مع المتغيرات المؤثرة، والمراهنة على سلامة موقفها مما يثار حولها، وقدرتها على المواجهة بدبلوماسية هادئة حتى الوصول إلى غاياتها ومعالجة التحديات التي زُرِعت عمدا في طريقها، لأهداف استراتيجية مدمرة.

عامان من المواجهة المعلنة ضد المملكة، وقادتها، انتهت بالعودة إلى المسار الدبلوماسي الصحيح المبني على العلاقات الضاربة في التاريخ، ومخزون الشراكة التي يفترض أن تعالج أكبر الأزمات الحقيقية، لا المفتعلة فحسب، حيث أعلن البيت الأبيض عن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للسعودية، بعد أن امتدح دورها الرئيس في المنطقة، والعلاقات المشتركة.

أشارت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير إلى أن المملكة العربية السعودية شريك استراتيجي للولايات المتحدة منذ 8 عقود، وأكدت على أن الرئيس بايدن «يعتبر المملكة شريكًا مهمًا في مجموعة من الاستراتيجيات الإقليمية والعالمية، بما في ذلك الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في اليمن، واحتواء إيران ومكافحة الإرهاب».

تكتسب زيارة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية إلى المملكة، بدعوة من خادم الحرمين الشريفين للقائه، يحفظه الله، ولقاء سمو ولي العهد أهمية بالغة، خاصة أنها تأتي لتصحيح بوصلة العلاقات المشتركة من جهة، والتأكيد على أهمية المملكة كشريك استراتيجي للولايات المتحدة ودورها الحيوي في تعزيز أمن واقتصاد المنطقة والعالم، وقدرة قادتها على معالجة الملفات السياسية والاقتصادية والأمنية من جهة أخرى، إضافة إلى حشد الجهود، والتنسيق الأمثل بين دول المنطقة، وهو ما تؤكده القمة المشتركة التي دعا لها خادم الحرمين الشريفين، وستضم قادة دول مجلس التعاون الخليجي العربية، والعاهل الأردني، والرئيس المصري، ورئيس وزراء العراق، في اليوم الثاني للزيارة.

عمق المملكة الإسلامي والعربي، جعلها قادرة على إنجاح القمم الاستثنائية، وإشراك محيطها العربي في رؤيتها الاستراتيجية وشراكاتها وبما ينعكس إيجابا على أمن واستقرار المنطقة وتنمية دولها وازدهار اقتصاداتها.

زيارة الرئيس بايدن لن تركز على الطاقة فحسب، كما يعتقد البعض، بل ستتناول جميع الملفات ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمها الملف الإيراني، واليمني، والأزمة الروسية الأوكرانية، ومكافحة الإرهاب، وتحقيق أمن المنطقة واستقرارها.

ويبقى ملف الطاقة من الملفات المهمة، إلا أن الرئاسة الأمريكية، تعلم أن سياسة المملكة النفطية تخضع لمتطلبات أساسية ذات أبعاد استراتيجية بعيدة المدى، كما أنها تأتي وفق رؤية توافقية مع منظمة أوبك+، ويعود لها الفضل ، بعد الله، في إنقاذ صناعة النفط الأمريكية من الانهيار خلال جائحة كورونا، وإنقاذ الاقتصاد العالمي من أزمات مختلفة كادت أن تقع لولا سياسة المملكة في التعامل مع أسواق النفط آنذاك.

ثبات سياسة المملكة النفطية، وحكمة قادتها، ضمنت استدامة الإمدادات، واستقرار الأسواق، وساهمت في حماية الاقتصاد العالمي من مخاطر نقص المعروض النفطي، وتأثيره على الأسعار؛ وبالتالي النمو العالمي، وهو ما أكسبها ثقة العالم، وعزَّز من أهميتها الاقتصادية التي لا تقل بأي حال من الأحوال عن أهميتها السياسية والدولية ومرجعيتها في المنطقة.

 

 

نقلا عن الجزيرة