إليك هذه الحقيقة التي أثبتتها التجارب على أرض الواقع وأكدتها نماذج ناجحة تعيش بيننا، أن ارتفاع الوعي لدى المستهلك أقوى على التاجر من الأنظمة والإجراءات المنظمة لتجارته ومراقبة الأسعار! والوعي المقصود هنا، هو توافر القدر الكافي من المعلومات والإلمام والمعرفة لدى المستهلك، بالمتغيرات الاقتصادية من حوله، وبحسن التصرف أمام ارتفاع الأسعار وغلائها، إما بالامتناع عن الشراء في حال فاقت قدرته الشرائية، أو استبدال المنتج أو السلعة أو الخدمة التي ارتفع سعرها دون مبررات مقنعة، ببديل استهلاكي آخر أقل سعرا، وذي جودة لا تبتعد كثيرا عن الأخرى التي حلق سعرها في السماء.
إن الوعي الاستهلاكي المقصود أعلاه هو ذلك الذي ينبئ عن وجود تخطيط مالي مسبق لدى المستهلك، والتزم بقيوده وضوابطه إلى أقصى ما يستطيع، وليس الحديث هنا عن تخطيط مالي بالغ التعقيد، بقدر أنه مجرد تخطيط مبسط على قدر فهم ومستوى تعليم ومعرفة وتجربة ذلك المستهلك، فقد يكون مدونا في بضع أوراق بكتابة اليد، وقد يكون محفوظا في أحد البرامج على جهاز الجوال أو الحاسب الشخصي للمستهلك. وما قدرة اتخاذ القرار الأفضل من ذلك المستهلك أثناء استخدامه أمواله وإنفاقها على الشراء، إلا إحدى نتائج وجود ذلك التخطيط المالي المبسط لديه، وما يطلق عليه اصطلاحا بوعي المستهلك.
يمثل وجود مجتمع استهلاكي مرتفع الوعي، جدارا منيعا أمام ممارسات التلاعب بالأسعار أو الغش والتدليس، التي قد يرتكب جرمها عديد من أرباب التجارة والعاملين لديهم، والعكس صحيح! إذا انخفضت مناعة المستهلكين في هذا الجانب، فقد أصبح ممكنا تمرير كثير من رغبات البائعين، بغض النظر عن مستويات الأسعار والمغالاة فيها، أو جودة المنتجات والسلع المبيعة.
حتى تؤتى ثمار ذلك الوعي الاستهلاكي المنشود لا بد من انتشاره وترسيخه لدى أكبر قدر ممكن من أفراد المجتمع، والعمل المستمر من قبل الأجهزة المعنية كوزارتي التجارة والبلدية وجمعية حماية حقوق المستهلك وغيرها من الجهات ذات العلاقة، على تكثيف رسائل التوعية اللازمة في هذا الشأن، وصولا إلى ترسيخها كعادات استهلاكية يلتزم بها المستهلكون وبدورهم يرسخونها في الأبناء والبنات، ويسهمون في نشرها ومناقشتها في لقاءاتهم ومجالسهم. ذلك أنه لن يكون كافيا ولا مؤثرا أن تكون نسبة ذلك الوعي متدنية، ولن يكون لها الأثر الإيجابي المنشود، بحال كان عدد ونسبة المتساهلين أو الغافلين عن هذا الأمر هو الأكبر والأوسع انتشارا.
ما جدوى أن يمتنع شخص واحد أو حتى عشرة أشخاص عن الاستجابة لرغبات من رفع أسعار سلعة معينة دون أي مبررات مقنعة، في الوقت ذاته تشاهد مئات المستهلكين يتهافتون على الشراء، في غياب تام لأبجديات المستهلك الحصيف والواعي والمسؤول؟! من هنا يمكن التأكيد أن أي اتساع لظواهر رفع الأسعار والمغالاة فيها دون وجود ما يبررها كأسباب مقنعة، أو المبالغة في رفع الأسعار بأضعاف ما كان مقبولا ومعقولا ومتسقا مع الأسباب الأساسية التي دعت إلى ارتفاع الأسعار، أؤكد أنه يشير في جزء كبير منه إلى تدني الوعي الاستهلاكي، ولأن ذلك التاجر أو التاجر الآخر لا ولم يشاهده، فقد وجد طريقه نحو المبالغة بالأسعار ممهدا فما كان منه إلا الاندفاع فيه، ودون إغفال وجود الأنظمة والرقابة من قبل الأجهزة الإشرافية والرقابية، التي تتولى مسؤولية الحد من تلك الممارسات، وإيقاع العقوبات والجزاءات على المتورطين فيها. إلا أن الأهم في هذا السياق يظل المتمثل في الوعي الاستهلاكي لعدة أسباب رئيسة، أولها: أن المكاسب المتحققة للبائعين المخالفين والمتورطين في تلك الممارسات، ستأتي أكبر بكثير من مبالغ الغرامات المحتمل إيقاعها عليهم. ثانيها: نتيجة لانخفاض الوعي الاستهلاكي، وما سيترتب عليه من عدم إبلاغ الأجهزة الرقابية من قبل المستهلكين عن تلك الممارسات المخالفة، فإنه سيشجع الشريحة من التجار المخالفين على المضي قدما في طريق تلك المخالفات، بل قد يشجع حتى التجار المترددين للحاق بركب المتورطين في ممارسات رفع الأسعار دون مبرر، أو المبالغة باستغلال الأسباب التي دعت إلى رفع الأسعار.
يجب أن يتأكد لدى المستهلك أنه خط الدفاع الأول عن أمواله ومدخراته واستقراره المعيشي، ولن يتحمل العواقب الأكبر لأي تهاون منه في هذا الشأن أحد غيره! فلا بد من تحصين نفسه أمام تلك المتغيرات حوله، ويعمل على اختيار ما يلاءم قدرته الشرائية، سواء كانت سلعا أو منتجات استهلاكية، أو أصولا ثابتة أعلى ثمنا، كالمسكن أو السيارة أو أي من السلع المعمرة الأخرى. وتتصاعد الأهمية للمستهلك فيما يتعلق بتلك الأصول الثابتة والسلع المعمرة، التي ستتطلب بكل تأكيد الحاجة إلى الاقتراض من البنوك ومؤسسات التمويل ليحرص المستهلك/المشتري على ألا تتجاوز نسب الاستقطاعات الشهرية المنتظمة لسداد قروضها الاستهلاكية أو العقارية من دخله سقف 35 في المائة على أبعد تقدير، وأن يدرك أنه كلما سمح وقبل بارتفاع نسب الاستقطاع، واجه في المستقبل ظروفا معيشية أكثر صعوبة مما يكابده اليوم.
ختاما: تتحمل جمعية حقوق المستهلك كثيرا من المسؤوليات في هذا الشأن، ويتضاعف حجم تلك المسؤوليات في مثل الفترات الراهنة التي يشهد خلالها الاقتصاد العالمي بأسره معدلات تضخم لم يسبق لها مثيل طوال نصف قرن مضى، ما يستدعي منها بذل مزيد وكثير جدا من الجهود التوعوية، وأن تظهر مواقف حقيقية وراسخة، يستشعر المستهلك وجودها ودعمها بجانبه، وتبادر بالذهاب إلى مواقع المستهلكين في مختلف الأسواق، ولا تنتظر منهم المجيء إليها.
نقلا عن الاقتصادية
نريد البدائل ذات الجودة العالية وليس البدائل الرديئة الضاره بالصحه او الغير آمنة
أكيد أخي إبراهيم، وإلا كأننا خرجنا من حفرة عمقها متر إلى حفرة أخرى عمقها مترين أو أكثر
قبل وعي المستهلك - فين دور الرقابه والمتابعة وفرض الغرامات على المخالفين ^ـ^ فين دور البدائل الوطنيه والصناعات المحلية - بعدها كلمني عن وعي المستهلك ،زاد ولا نقص لدينا دولة ابداعية وجميلة وعندنا فرص للمستثمرين وخاصه لو من شباب الوطن اللي كل يوم يثبت انه قد الثقه مساله وقت وكل شي يصبح جميل بدايه الحصاد في منتصف سنه ٢٠٢٥
أضع وعي المستهلك دائما أولاً؛ لأنه خط الدفاع الأول لكل شخص منا لحماية نفسه ومصلحته من مثل تلك الممارسات، وكونها الشرط الأول لمعرفة ما له وما عليه من الأنظمة والإجراءات، ومؤكد أن دور الرقابة والمتابعة له وزنه الكبير، لكنه قد يضعف أو يتم القفز عليه من التجار المخالفين إذا وجد مستهلكاً ما يدري هي مشرّقة أو مغرّبة!!!
المستهلك اخي بين نار الغلا او يجوع ويحرم نفسه الله يكفينا الشر ويعين لاصار كرتون الدجاج ب 200 وهو في الدول المجاورة بنص السعر الأمور لاتبشر بخير للمستهلك
نسأل الله السلامة واللطف أخي صقر، وبحمد الله يتوافر لبلادنا خيارات واسعة للتعامل مع القادم من تحديات التضخم المرشح للارتفاع أكثر عالميا، مقارنة بكثير من المجتمعات والدول من حولنا..
شوف احنا نتكلم في ايش والاستاذ يشرح لنا ايش يعني عشان في دول فيها مجاعات او صراعات لازم نركز عليها وتقييم نفسنا فيها = طيب ليش ما نقارن نفسنا في الكويت مثلا فيها رقابه قويه للسلع الاستهلاكيه وما يقدر اي تاجر او مورد يرفع السلع او يدبلها بدون سبب واضح