المبالغة في دور الغاز الأمريكي

10/05/2022 2
فواز حمد الفواز

تعقيدات الطاقة كثيرة، من أحد جوانبها تقليل دور النفط الصخري في أمريكا والآن دور الغاز الصخري. قبل نحو عقد كان الحديث النفطي في أمريكا عن دور النفط الصخري وكيف غير الصورة العامة وأن هم "أوبك" كان محاربة النفط الصخري. مع الوقت تبين أن دور النفط الصخري كان مهما لعدة أعوام، لكن نمو الطلب وضعف المردود المالي لشركات النفط الصخري وأخيرا الجيولوجيا، عملت على الحد من دوره، حيث النمو في الإنتاج أقل من الزيادة في الطلب. الآن نجد الغاز الأمريكي يأخذ دور النفط نفسه لأسباب سياسية، ولذلك هناك مبالغة نحاول رصد مدلولاتها.

أحد التحديات في تحليل سوق الغاز أنها غير متجانسة السعر بين مناطق العالم المختلفة في اختلاف عن النفط. سعر مليون قدم مكعبة في أوروبا وآسيا 30 دولارا، بينما سعره في أمريكا 7.5 دولار في 21 أبريل 2022. المهم أن الأسعار تتجه إلى التجانس بسبب ارتفاع الأسعار وارتفاع المتاجرة فيه. كما أن الغاز لا يزال أقل سعرا من النفط قياسا بمستوى الطاقة فيهما، المقياس العلمي في كل وحدة BTU، كل وحدة في برميل نفط تعادل 18 دولارا بينما كل BTU في مليون قدم مكعبة غاز تعادل 5.5x دولار، أي بخصم 70 في المائة، هذا الفرق في التسعير لم يحدث منذ نحو 40 عاما. بسبب الغاز الصخري استطاعت أمريكا تفادي الارتفاع في الأسعار، لكن هذا الظرف لن يستمر طبقا لدراسة أعدها مكتب مختص في الاستثمارات. رغم نمو الصادرات الأمريكية، إلا أن سوق الغاز الأمريكية لا تزال في مرحلة فائض هيكلي، لكن طبقا للدراسة سيتقلص هذا الفائض بسرعة. إنتاج الغاز التقليدي في 2000 كان 50 bcf يوميا وانخفض في 2010 إلى 40، بل إنه كان مستوردا 2.1 من الغاز المسال 2007، مقارنة بنهاية 2021 حين أصبحت أمريكا أكبر مصدر للغاز المسال.

إنتاج أمريكا اليوم يبلغ 94 bcf يوميا، 80 في المائة منه صخري. إعلاميا حتى سياسيا قد يعتقد البعض أن هذه الحالة ستستمر، لكن طبقا للدراسة فإن أكثر قليلا من نصف الإنتاج يأتي من ثلاثة حقول فقط، ولأنها صخرية ستصل الذروة في أعوام قليلة ومن ثم تبدأ في انحدار سريع قد لا يتماشى مع وعد إدارة بايدن بمد أوروبا 5 bcf إضافية في 2030. تذكر الدراسة أنه على الرغم من أهمية الموضوع والتزام الإدارة إلا أنه ليست هناك دراسة دقيقة للتكوينات وقدرتها على الاستمرار، بل تتوقع الدراسة أنه ربما تتحول أمريكا من مصدر إلى مستورد في نهاية العقد وترتفع الأسعار لتماثل الأسعار في أوروبا. سوق الغاز الأمريكية كانت في حالة انفصال عن العالم، وتسارع التجانس في الأسواق والمنافسة على المصادر جعل أمريكا جزءا من الصورة، لكن توقع انخفاض الإنتاج سيرفع الأسعار بسبب الندرة والمنافسة، خاصة أن أمريكا من أكبر مستهلكي الغاز عند ما يعادل 14 مليون برميل يوميا من النفط. ربما بسبب نزعتها للمبالغة في التسويق أو السياسة وتجاوزها الأمور الفنية، وكما حدث مع النفط الصخري سيحدث مع الغاز الصخري. سوق الطاقة مليئة بالمفاجآت في طريق التحولات الاقتصادية والفنية والجيولوجية والبيئية والتنظيمية.

 

 

نقلا عن الاقتصادية