الرقم القياسي لأسعار العقارات .. القراءة والواقع

25/04/2022 0
عبد الحميد العمري

أظهر التقرير ربع السنوي للرقم القياسي لأسعار العقارات - الربع الأول 2022 - ارتفاعا سنويا طفيفا لم يتجاوز 0.4 في المائة، وارتفاعا سنويا للرقم القياسي للقطاع السكني بنسبة 1.5 في المائة، وانخفاضه سنويا للقطاع التجاري بنسبة 1.7 في المائة. وكان من أكثر النسب اللافتة في التقرير، الانخفاض السنوي للرقم القياسي للفلل السكنية للربع الرابع على التوالي بنسبة 7.4 في المائة، وانخفاضه سنويا أيضا للشقق السكنية للربع السادس على التوالي بنسبة 3.4 في المائة. في المقابل، لم يتجاوز الارتفاع السنوي للرقم القياسي للأراضي السكنية نسبة 1.8 في المائة.

ويلفت الانتباه بدرجة أكبر، حينما تتعرف على التغيرات السنوية في تلك الأرقام القياسية حسب نوع العقارات على مستوى المناطق، التي أظهرت انخفاضا سنويا للرقم القياسي للفلل السكنية في منطقة الرياض بنهاية الربع الأول 2022 بنسبة 5.1 في المائة، وهو الانخفاض ربع السنوي الثامن على التوالي، بمعنى أن نسبة الانخفاض الإجمالية منذ الربع الثاني 2019 وصلت إلى 19.7 في المائة، كما انخفض الرقم القياسي نفسه للفلل السكنية في منطقة مكة المكرمة بنسبة 8.6 في المائة، مقارنة بالربع الأول من العام الجاري بالربع نفسه من العام الماضي. ولم تبعد التغيرات السنوية للأرقام القياسية للشقق السكنية على مستوى المناطق، حيث انخفض في منطقة الرياض للفترة نفسها بنسبة 6.9 في المائة للربع الخامس على التوالي، وانخفض في منطقة مكة المكرمة للربع الرابع على التوالي بنسبة 3.3 في المائة.

وجاءت الارتفاعات في الأرقام القياسية للأراضي السكنية حسب المناطق، متأرجحة بين أعلى معدل سنوي للارتفاع في منطقة القصيم بنسبة 3.8 في المائة، وأدنى معدل سنوي للانخفاض في منطقة الباحة بنسبة 7.0 في المائة، وارتفع في منطقة الرياض بمعدل 2.9 في المائة فقط، وارتفع في منطقة مكة المكرمة بمعدل أدنى عند 1.7 في المائة فقط، وارتفع في المنطقة الشرقية بمعدل 1.9 في المائة فقط.

لا شك أن من سيقرأ التفاصيل الكاملة لتلك التغيرات السنوية في الأرقام القياسية لأسعار العقارات، خاصة خلال الفترة 2019 - 2022، سواء على مستوى المملكة أو المناطق - تحديدا المناطق الرئيسة -، ومن ثم مقارنتها بواقع السوق العقارية المحلية، فإنه سيقع في حيرة من أمره، ذلك أن واقع السوق العقارية يقف بعيدا عما تتحدث عنه تلك الأرقام القياسية، وهو الواقع الذي توضحه بصورة أدق البيانات المنتظمة النشر الصادرة عن وزارة العدل، وبما يؤكد أن الاحتمال الأكبر لنشوء الاختلاف بين الوزارة والهيئة، قد يكون ناتجا من منهجية معالجة وتنقيح البيانات. إضافة إلى الصورة الأوضح للسوق على أرض الواقع والمشاهد عبر مختلف وسائل الإعلام والتواصل، وما يؤيده أيضا من عديد من التصريحات الصادرة عن عديد من المسؤولين، كان من أهمها وآخرها ما صدر عن وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان، بأن الوزارة وجدت أن أسعار العقار في الرياض بدأت تفوق القدرة الشرائية للمواطن.

حينما يتحدث الرقم القياسي للفلل السكنية في منطقة الرياض كأكبر وأهم مثال، عن انخفاضه خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة إجمالية وصلت إلى 19.7 في المائة، مقارنة بقيمته في نهاية الربع الثاني 2019، فإنه يحق لأي من سكان منطقة الرياض أن يسأل الهيئة العامة للإحصاء عن مواقع تلك الفلل السكنية التي سجلت تلك النسبة من الانخفاض، والعمل على اقتناص هذه الفرصة إن وجدت، وتعد بالفعل فرصة تستحق البحث والعناء من قبل أي باحث عن تملك مسكنه، وسط هذه الموجة الصاعدة من الارتفاعات القياسية لأسعار مختلف الوحدات السكنية على مستوى المملكة، وفي منطقة الرياض خصوصا، سيكون مهما جدا أن يزداد تعاون الهيئة العامة للإحصاء في هذا المجال المهم تنمويا، مع بقية الأجهزة الحكومية ذات العلاقة بدءا بوزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، ووزارة العدل، والبنك المركزي السعودي، والهيئة العامة للعقار، والمنشآت العقارية الكبرى، إضافة إلى الخبراء والمختصين في الشأن العقاري، للخروج بمنهجية أوسع شمولية وأكثر دقة في هذا المجال، وبما يمكن أن يلغي إلى أقصى حد ممكن الفوارق بين الواقع الذي تقف عليه السوق العقارية من جهة، ومن جهة أخرى ما ترصده مثل تلك الأرقام والمؤشرات القياسية، وهذا لا يقلل بأي حال من الأحوال من الكفاءة العالية جدا التي تتمتع بها الهيئة العامة للإحصاء في بقية تقاريرها ونشراتها المنتظمة دوريا، وحازت بموجبها شهادات دولية وإقليمية، وهو أيضا ما أثبتته طوال أكثر من خمسة عقود زمنية مضت، كأهم مصدر حكومي للبيانات والإحصاءات المحلية حول جميع المجالات وفي مختلف القطاعات والنشاطات.

ترتقي الأهمية القصوى للاقتراب اللصيق للأرقام القياسية لأسعار العقارات بالواقع الحقيقي للسوق العقارية، لما تمثله من وزن كبير في مجال اتخاذ كثير من القرارات والتوجهات، على مختلف المستويات ذات العلاقة بالشأن العقاري، بدءا من الأجهزة الحكومية وشبه الحكومية، مرورا بالقطاع الخاص ممثلا في مختلف أنواع كياناته ومنشآته، وصولا إلى أفراد المجتمع على اختلاف اتجاهاتهم الاستثمارية والاستهلاكية، وهي الأطراف المهمة جدا التي يهم العاملون في الهيئة العامة للإحصاء بكل تأكيد، أن تكون البيانات والمعلومات الصادرة عنها حول التطورات العقارية المصدر الأول والأهم لجميع تلك الأطراف، وأن يكون شأنها هذا المجال، شأن البحر الواسع من البيانات والإحصاءات الأخرى التي تنفرد الهيئة بصدارتها فيه، وبما تمثله بكونها المصدر الأول والرسمي لتلك البيانات والإحصاءات.

 
نقلا عن الاقتصادية