الشركات العائلية بين الاستدامة والاندثار

07/04/2022 0
طلعت بن زكي حافظ

احتضن منتدى جامعة اليمامة، ملتقى الشركات العائلية تحت شعار "آفاق المستقبل وممكَنات النجاح وفقاً لرؤية المملكة 2030" برعاية معالي الأستاذ محمد القويز - رئيس مجلس إدارة هيئة السوق المالية وذلك يوم الاحد الموافق 20 مارس 2022.

الملتقى تَميز عن سابقاته من الملتقيات والمنتديات التي عُقدت في المملكة العربية السعودية بالمصارحة والوضوح والشفافية حول مستقبل الشركات العائلية في ظل تَعاقب الأجيال وعدم وضوح الرؤية وتفاقم حجم التحديات وتسارع وتيرتها.

ركز الملتقى في نقاشاته وجلساته على العديد من المحاور المهمة المرتبطة ببقاء ذلك النوع من الشركات على قيد الحياة، وبالذات المرتبطة بتحديات قيادتها من قبل الجيل الثاني، أو اندثارها وذهابها وكما يقولون في مهب الريح.

جَسد الملتقى الأهمية الاقتصادية والتنموية للشركات العائلية، سيما وأنها تشكل الغالبية الأكبر من قطاعات المال والأعمال على المستوى العالمي، وتُعد رافداً اقتصادياً مهماً للغاية ومصدراً مهماً أيضاً للتوظيف، حيث تؤكد الدراسات على أن الشركات العائلية تمثل ثلثي الشركات في العالم، كما أن مشاركتها عالميا تتراوح ما بين 70 % إلى 90 % من إجمالي مشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلي.

الوضع في المملكة العربية السعودية لا يختلف عن بقية دول العالم، حيث تتجاوز قيمة مساهمة الشركات العائلية في الناتج المحلي للمملكة مبلغ 800 مليار ريال في كل عام، وتصل مساهمتها إلى ما نسبته 66 % من إجمالي مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي للمملكة، كما تُعد موظفا رئيسا لأبناء وبنات الوطن، حيث إنها مسؤولة مسؤولية مباشرة عن 76 % من مساهمة القطاع الخاص في التوظيف. أخيراً وليس آخراً يبلغ حجم رساميل الشركات العائلية في المملكة نحو 250 مليار ريال.

نظراً للأهمية الاقتصادية والتنموية للشركات العائلية، اهتمت الحكومة السعودية بالمحافظة على ذلك النوع من الشركات، فقد قامت بإنشاء المركز الوطني للمنشآت العائلية الذي يَهدف إلى إبراز دور المنشآت العائلية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطويره، بما في ذلك التعزيز من قدراتها التنافسية، وكذلك الرفع من نسبة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد السعودي. كما ويسعى المركز لتحقيق عدد من الأهداف الاستراتيجية التي من شأنها تحقيق التنمية المستدامة للشركات العائلية وتكريس مفاهيم الحوكمة وتشجيعها على الإدراج في السوق المالية، وكذلك المساهمة في تسوية النزاعات التي قد تنشأ فيها بما يُسهم في حماية مستقبلها، وتطوير قياداتها المستقبلية. أيضاً يقوم المركز بإعداد الدراسات الإستراتيجية ومعالجة التحديات التي قد تواجهها الشركات العائلية وتمثيل المملكة في المناسبات الإقليمية والدولية.

ولوزارة التجارة أيضاً جهود تذكر فتشكر في المحافظة على ديمومة واستمرارية الشركات العائلية عبر الأجيال المتعاقبة، حيث على سبيل المثال أصدرت الوزارة ميثاقا استرشاديا للشركات العائلية، يَهدف إلى تعزيز قيم العائلة التجارية وإلى تنظيم العلاقات بين أفراد العائلة، وتحقيق أهدافها وتنمية أعمالها وفق إطار مؤسسي يدعم إمكانية توسعها وزيادة فرص نجاحها، ويُعد الميثاق وثيقة عائلية ذات غرض تجاري موجهة في المقام الأول إلى تنظيم الملكية العائلية في الشركات، في حين يمثل في المقام الثاني سجلاً من سجلات الشركة يظهر ما تمثله الشركة للعائلة من قيمة.

برأيي أن ملتقى الشركات العائلية الذي احتضنته جامعة اليمامة، يُعد إضافة ذات قيمة عالية النوعية والجودة للجهود التي تبذلها الحكومة السعودية، وبالذات وأنها مبادرة تتبنها مؤسسة تعليمية مهمة على مستوى المملكة، سيما وكما أسلفت وذكرت ببداية المقال، بأن الملتقى تميز بالطرح الشفاف والواضح بالنسبة للإشكاليات والتحديات التي تعترض طريق الشركات العائلية، والتي قد تؤدي لا سمح الله إلى زوالها واندثارها، والتي من بينها على سبيل المثال لا الحصر؛ اختلاف القيم والثقافات المرتبطة بالعمل المؤسسي بين الأجيال، وعدم فصل الملكية عن الإدارة، وتدنى مستوى الحوكمة أو غيابها تماماً عن المشهد، وأخيراً وليس آخراً، عدم وجود سياسة واضحة للتعاقب الإداري بين الأجيال.

الكلمة التوجيهية التي ألقاها معالي الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي - وزير التجارة ووزير الاعلام المكلف بالملتقى، وضعت النقاط على الحروف فيما يتعلق بمصير الشركات العائلية في حال غياب ميثاق يحكم العمل بين الأجيال المتعاقبة، ما قد يتسبب لا سمح الله في انهيار الشركة، وبالذات في عدم وجود نظام حوكمة واضح يُستند إليه كمرجعية لإدارة دفة أعمالها.

من بين الحلول الناجعة التي أثبتت جدواها في المحافظة على ديمومة واستدامة الشركات العائلية، وكما أوضح معالي الأستاذ محمد القويز - رئيس مجلس إدارة هيئة السوق المالية، إدراجها في السوق المالية، لما في ذلك من انعكاسات إيجابية عليها، تتمثل في تمكينها من تمويل مشـــاريعها والتوســـيع من نطاق أعمالها من خلال الســـوق المالية ســـواء من خلال الطرح العام في الســـوقين الرئيســـة والموازية، أم عن طريق الإدراج المباشـــر في السوق الموازية.

 

 

 

نقلا عن الرياض