واقع جديد يتشكل لمنتجات الطاقة الروسية

31/03/2022 0
محمد مهدى عبدالنبي

"أقول للرئيس بوتين إنى لن أعطيك أسهمى مجانا، فنحن لدينا عقود طويلة الأجل و أصول فى روسيا بمليارات الدولارات نهتم بها و لن نتخلى عنها، لذلك نستبعد الإنسحاب حاليا من أسواق الطاقة الروسية" ... هذا نص ما قاله "باتريك بويان"  الرئيس التنفيذي لشركة النفط و الغاز الفرنسية "توتال انيرجى" مطلع الأسبوع الجاري ضمن جلسة عن الطاقة فى العالم ضمن فعاليات منتدى الدوحة.

و لم يكن تصريح باتريك سوى حلقة كاشفة و واصلة بين توجيه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بتسوية مدفوعات منتجات بلاده من الطاقة إلى أوروبا بالعملة المحلية "روبل" بدءا من أول أبريل المقبل، و بين رفض واضح لذلك من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بالأمس مهاتفا نظيره الروسى" مستحيل دفع عقود الغاز بالروبل يا بوتين". 

هنا و أمام ارتفاع حرارة المواقف السياسية على خلفية ما يحدث فى أوكرانيا و نذر توقف الغاز الروسى لأوروبا لنا وقفة فهم من الماضى القريب لأنشطة شركات الطاقة الأوروبية العملاقة العاملة بروسيا فى ضوء تقرير صدر فى 28 مارس الجارى عن منظمة النقل و البيئة T&M فى بروكسل، و الذى يفصح عن الاتى:

أولا، تعتمد احتياجات دول أوروبا للطاقة على ما يفوق 40% غاز و 26% نفط من روسيا بقيادة ثلاث شركات أوروبية كبرى فى هذا المجال و هم "توتال انيرجى الفرنسية، شل الأنجلو هولندية، بى بى البريطانية" 

ثانيا، تلك الشركات ساهمت منذ عام 2007 حتى مطلع 2022 فى توفير تمويل بنحو 80% من صاردات الطاقة لنفقات روسيا العسكرية، و تحديدا بعد ضم بوتين لجزيرة القرم فى 2014 حتى نهاية العام الماضى اشترت تلك الشركات نفطا روسيا بقيمة 100 مليار دولار.

ثالثا، خلال السبع سنوات الأخيرة سجلت حصص مشتريات الشركات الأوروبية الثلاث من النفط الروسى" 57 مليار دولار لتوتال، 27 مليار دولار لشل، 9 مليار دولار لشركة بى بى" بالإضافة لأعمال من الباطن لشركات صغيرة تابعة مولت فى مجملها نحو 25% من مخصصات الميزانية العسكرية لروسيا بين عامى 2019 و 2020 فقط.

رابعا، شركتا شل الأنجلو هولندية و بى بى البريطانية انسحبتا ظاهريا من الأسواق الروسية عقب غزو اوكرانيا، و تم رصد مشتريات ضخمة من النفط الروسى من جانب شركة بى بى بعد إعلان الإنسحاب، إلا أن توتال الفرنسية كانت أكثر وضوحا فى اعتزامها الانسحاب من الأسواق الروسية بنهاية 2022 حسب تطور معطيات دائرة الحرب فى أوكرانيا.

خامسا، تستطيع الدول الأوروبية الاستغناء عن ثلثى الغاز الروسى بنهاية العام الجاري و التوقف نهائيا عن ادمان منتجات موسكو من الطاقة بحلول 2030 على الأكثر، عبر توفير بدائل أكثر كلفة من شحنات الولايات المتحدة الأمريكية و دولة قطر، و الجزائر و نيجيريا.  

ختاما ... يبدو أن روسيا "رغم احتياطياتها المهولة من الغاز و النفط"  ستفقد فى خضم حربها المفتوحة على أوكرانيا دورها المستمر منذ عقود كقوة عظمى فى مجال الطاقة، مفسحة الطريق بعد عض أصابع الجميع لتوازنات جديدة فى تلك الأسواق من حيث البدائل و الاسعار و معاملات التعاقدات الدولية التى تبحث عن تدفق مستدام للأرباح وفقا للنظام المالى العالمى المستقر منذ نصف قرن.

 

خاص_الفابيتا