تترقب أسوق المال حول العالم اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هذا الأسبوع، الذي سيقلب دفة السياسة النقدية من سياسة توسعية إلى سياسة انكماشية، تبدأ معها نهاية عصر الأموال شبه المجانية، بأول زيادة في أسعار الفائدة منذ ثلاث سنوات، وذلك للسيطرة على قطار التضخم المُنفلت بلا هوادة في أكبر اقتصاد بالعالم، لاسيما بعد نشوب الحرب الروسية الأوكرانية التي صَبَّت الزيت على نار الأسعار، ما يُصعّب مهمة الفيدرالي أمام احتواء معضلة التضخم.
من المعلوم أن السياسة النقدية السعودية تتأثر بشكلٍ مباشرٍ بالسياسة النقدية الأمريكية، نتيجة ارتباط الريال السعودي بالدولار الأمريكي، وبالتالي يتأثر سوق الأسهم السعودي بقرارات الفيدرالي الأمريكي بشكل غير مباشر، جراء أي تغيير في أسعار الفائدة، ما يخلق فريقًا من الرابحين وآخر من الخاسرين.
لاشك أن قطاع البنوك السعودية سيكون على رأس الرابحين من قرار رفع أسعار الفائدة نظرًا لأن الودائع المجمعة للبنوك التي تتجاوز تريليوني ريال، أكثر من 64 % منها ودائع تحت الطلب أو ما يسمى بالحسابات الجارية وهي ودائع مجانية لا يتقاضى المُودعين عليها أي فائدة من البنوك التي تقوم باقراضها بفائدة، ومع ارتفاع أسعار الفائدة ينعكس ذلك إيجابيا على هوامش أرباح البنوك.
في ظل التكهنات بأن يكون رفع الفائدة عدة مرات خلال العام الجاري فسيؤثر ذلك تدريجيًا على السيولة المحلية ما يؤدي لخروج جزء من السيولة الموجودة في أهم قناتي استثمار في المملكة وهما سوقي الأسهم والعقار، إلى الودائع البنكية نظرا لارتفاع العائد وانخفاض المخاطر، لتأتي بذلك الرياح بما تشتهي سفن البنوك السعودية ويجعل "زيادة الخير خيرين"، ما يُرجح أن العام الجاري سيكون عامًا استثنائيًا للبنوك بامتياز.
يختلف تأثير قرار رفع الفائدة من بنك إلى آخر حسب نسبة القروض المُصدرة من البنك بأسعار فائدة متغيرة إلى إجمالي القروض، فكلما ارتفعت هذه النسبة كلما انعكس ذلك بشكل إيجابي أكثر على هوامش الربحية، وكلما كانت نسبة القروض المُصدرة بأسعار فائدة ثابتة أكبر إلى إجمالي القروض، كلما انخفضت استفادة البنك من قرار رفع الفائدة.
ثاني أكثر الرابحين من رفع أسعار الفائدة في سوق الأسهم السعودي هو قطاع التأمين، وذلك لأن استثمارات شركات التأمين تتركز في الأصول عالية السيولة قصيرة الأجل، على شكل نقد وودائع بنكية تتراوح نسبتها من 50 % إلى 75 % وأوراق مالية ذات دخل ثابت من 20 % إلى 25 %، والتي تتأثر بشكل مباشر برفع الفائدة، ما ينعكس إيجابيا على أرباحها.
وبالانتقال إلى الفريق الآخر الذي سيُلقي قرار الفيدرالي بظلاله عليه، فإن الشركات التي لديها قروض بفائدة متغيرة والشركات التي لديها رافعة مالية عالية ستتأثر سلبا نتيجة ارتفاع تكلفة الدين عليها بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، ويختلف حجم التأثير من شركة إلى أخرى، حسب نسبة القروض إلى رأس المال، ولكن قد تتمكن الشركات من خلال كفاءة الإدارة وترشيد النفقات، من تحقيق نمو يستوعب ويمتص الأثر السلبي الناتج عن رفع أسعار الفائدة عليها.
وأخيرًا وليس آخِرًا، فإن تأثير رفع أسعار الفائدة لا يكون لحظيًّا، بل يستغرق الأمر عدة مراحل حتى يبدأ انعكاسه وتأثيره في الظهور سواء على مستوى الأفراد أو الشركات أو الاقتصاد بشكل عام.
خاص_الفابيتا
في البداية أشكرك على المقال، لكن لدى سؤال أخي الكريم هل التأثير بيكون إيجابي ولا سلبي على السوق السعودي؟
بشكل عام هيكون إيجابي للسوق السعودي لأن الأرباح التي سيحققها قطاع البنوك -صاحب الوزن الأكبر في المؤشر- ستكون أعلى من الأثر السلبي على الشركات الأخرى، وفقا لدراسة دقيقة أجرتها -الراجحي المالية- البنوك سترتفع ربحيتها بدعم من رفع سعر الفائدة بـ7.8 مليار ريال، أما قطاع الشركات غير المالية سيرفع عليها التكلفة بـ6.3 مليار ريال، حوالي 1.3% من أرباح عام 2021.. تحياتي