الفنون المعمارية الجميلة من أرقى الفنون التي تبعث الشعور بالفرح والابتهاج والاحتفال بالحياة، هذا ما نشعر به حين نسير في مدينة ذات طابع معماري جميل، فيه رقي و إبداع وإمتاع، وعلى العكس نشعر بالكآبة والضجر حين نسير في مدينة مُشَوّهة العمران، غير قادرة على إظهار لمسات الفن والجمال، ومع الأسف فإن كثيراً من مبانينا تخلو من الجمال الخلاب، ولا ترى فيها تلك الموسيقى المتجمدة التي تبهرك وتسحرك وتجعلك تحس بروعة الفن المجسّم في كل مكان، والذي يبهرك من الأعماق ويجعلك تبتهج بالحياة.
الكثير من مبانينا لا فنّ فيها ولا جمال، ورغم أننا ننفق على المباني ضعف الآخرين إلا أن كثيراً منا لا يوفق للذوق؛ ولا يعبأ بالمخطط المعماري، يضاف إلى ذلك تلك الأسوار العالية التي تُشعرك أنك أمام سجون لا أمام بيوت تنبض بالدفء والإلفة، وربما شاهت الأسوار العالية بحواجب فوقها خوفاً من عين الجار!
كما أن الكثير من مبانينا الشاهقة اكتفت بالواجهات الزجاجية اللامعة العاكسة للشمس المحرقة وهذا لا يتلاءم مع جونا الحار؛ ولا يعبّر -في معظمه- عن ذوقٍ راقٍ وجمالٍ خلّاق يقف خلفه عبقري في فن العمارة، والتي تعتمد على سلامة الذوق وسعة الخيال لا على البذخ والإسراف. فالمعماري الموهوب يجمع في المباني بين (الوظيفة والجمال) فتحس أنّ المبنى قصيدة معلّقة في الفضاء، وموسيقى تصدح في الهواء. إنّ فن العمارة المبدعة تلطف البيئة وتنمّي الإحساس بالجمال، مما يهب الناس الشعور بالراحة والطمأنينة وحب الحياة ويؤثر في السلوك العام نحو الأفضل والأجمل.
نقلا عن الرياض