5 شركات في خانة الإفلاس .. وفلسفة صانع القرار " لا للإفلاس "

10/03/2010 3
محمد سليمان يوسف

يعيش الكثير من المستثمرين في الأسواق المحلية هذه الأيام هواجس مرعبة ، فمنذ إيقاف شركتي أملاك وتمويل عن التداول على خلفية الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها وتداعياتها السلبية ومساهمي الشركتين يخشون أن تنطلق كلمة "الإفلاس" من فم أحد المسؤولين ، وبالرغم من استعانة شركة شعاع كابيتال بجمعيتها العمومية لتمرير قرار إعادة هيكلة الشركة إثر الخسائر الكبيرة التي لحقت بها العام الماضي إلا أن الكثير من المساهمين في الشركة ما زال يمسك قلبه و يرى شبح الإفلاس يرفرف فوق جفونه في كل لحظة . أما شركة الإتحاد العقارية فليست بأفضل حال حتى الآن ، وإن لم تتمكن من بيع فندق "ريتز كارلتون" والتخلص من أعباء الديون المتراكمة عليها أو إيجاد مصادر سيولة جديدة  أو دعم حكومي  فإن شبح "الإفلاس" يلاحقها حتى و لوكانت نوايا الإدارة الجديدة طيبة وتريد حقا أن تخدم المساهمين .

إن انضمام مساهمي شركة تبريد خلال الأيام الماضية لقائمة  الخائفين من شبح "الإفلاس" زاد الطين بلة وأضاف إلى أعداد المتطلعين إلى استثماراتهم بعين الحسرة آلافا جديدة ، وأعتقد جازما أن  النتائج والآثار السلبية لانخفاض قيمة استثمارات المساهمين في هذه الشركات  أو عدم تمكنهم من بيع استثماراتهم أو التصرف بها لم تظهر حتى اللحظة الراهنة ، لكن الأيام القادمة – إن بقي شبح الإفلاس جاثما – ستكشف لنا عن ما لاتحمد عقباه من قضايا ومشاكل مالية واجتماعية ونفسية قد تغرق أصحابها وغيرهم في مستنقع يصعب الخروج منه .

لا شك أن آثار الأزمة المالية العالمية وتداعياتها مستمرة في التأثير على الكثير من الشركات في العالم والمنطقة ، وقد لا تنتهي تفاعلات هذه التداعيات قبل نهاية العام القادم وبالتالي فإن المسافة الزمنية المتبقية كبيرة وأكثر ما يخشاه "المستثمر" أن يستمر مسلسل تعثر الشركات وأن ينتقل فشل الإيفاء بالإلتزامات من شركة إلى خرى ويتحول هذا الفشل إلى "فيروس" يفتك بمدخرات صغار المساهمين والمستثمرين .

من المؤكد أن صانع القرار الإقتصادي في الإمارات بذل جهودا مضنية وجبارة  لتجنيب جميع الشركات المشار إليها أعلاه شبح الإفلاس ، وما القوانين والإجراءات المعلنة إثر انفجار الأزمة المالية العالمية إلا دليل على اهتمام الدولة ببنوكها وشركاتها ، ومن المؤكد أيضا أن مصطلح "الإفلاس" عرفا وقانونا غريب عن البيئة الإقتصادية الإماراتية ويتنافى مع فلسفة وتطلعات صانع القرار الإقتصادي فيها ولعل هذا ما خلق أمام الدولة معضلة شديدة الحساسية ولحل هذه المعضلة أصبحت  الدولة أمام خيارين أحلاهما مر فهي مطالبة إما بدعم الشركات المساهمة العامة – ماديا – علنا ،  أو نقض فلسفة صانع القرار الإقتصادي القائمة على مفهوم " بيئة اقتصادية خالية من الإفلاس"  وبالتالي السعي حالا لبناء قانون يسمح بإفلاس الشركات على أن يكون هذا القانون مبني على مبدأ أن الإفلاس ليس عارا أو عيبا أو جريمة وإنما هو خطوة أو فرصة  للبدء من جديد .

قد يكون قانون الشركات المزمع إصداره قريبا حلا للكثير من القضايا والمشاكل المؤثرة بالبيئة الإستثمارية المحلية وقد يتضمن هذا القانون فصلا كاملا أو بابا واسعا لتعثر الشركات وإفلاسها سواء أكانت شركات أفراد أو ذات مسؤولية محدودة أم مساهمة خاصة أو مساهمة  عامة فالبيئة الإقتصادية سواء أكانت خاصة أو عامة يجب أن تكون منسجمة لتشكل أمام الأطراف الأخرى شخصية واحدة مبنية على فلسفة قانونية واحدة . أما إذا لم يلحظ قانون الشركات الجديد  المزمع إصداره مسألة الإفلاس بشكل جدي فأعتقد أن الوقت ما زال متاحا لإعادة النظر في الأمر وتضمين هذا القانون مواد قانونية محددة جدا  تعالج بوضوح قضية الإفلاس وأن لا تبقى هذه القضية غامضة وغير محددة المعالم كما هو الحال في القانون الإتحادي رقم 8 لعام 1984 النافذ حاليا .