في التعدين الفرص تقل مع الزمن

09/02/2022 1
محمد العنقري

احتارت المملكة أن يكون قطاع التعدين الركيزة الثالثة في الاقتصاد الوطني بعد النفط والبتروكيماويات، فالتنوع الاقتصادي يرتكز على المزايا التنافسية التي تمتلكها كل دولة. وتعد الثروة التعدينية في السعودية ذات حجم ضخم إذ تقدر قيمتها بنحو خمسة تريليونات ريال سعودي ولذلك تم دعم هذه الصناعة الوليدة ببنية تحتية ضخمة تكلفتها عشرات المليارات من الريالات، لإنجاحها شملت بناء مدن خاصة للتعدين بالقرب من مدينة طريف وهي مدينة وعد الشمال بالإضافة لمدينة رأس الخير على الخليج العربي، إضافة لخطوط السكك الحديدية لنقل المواد اللازمة للصناعات التعدينية، إضافة لإطلاق جملة من الأنظمة والتشريعات للنهوض بهذه الصناعة التي تعد ركيزة أساسية في الكثير من مدخلات الإنتاج للصناعات العميقة أو الثقيلة من طائرات ومركبات وغيرها.

والمملكة لا تنظر في توجهها للنهوض بالصناعة التعدينية إلى ما تملكه من ثروة تعدينية كبيرة ذات جدوى اقتصادية، بل لأن تكون مركزاً عالمياً لهذه الصناعات، فقد وصلت حالياً لأن تكون من بين أكبر خمس دول في العالم في صناعة الأسمدة باستخدام الفوسفات، اضافة للألمنيوم حيث تدخل منتجات المملكة منه في هياكل سيارات رينج روفر الشهيرة، كما أنها ستمثل عنصر جذب لصناعة السيارات في المملكة التي يتوقع لها أن تشهد انطلاقة كبرى خلال الأعوام الثلاثة المقبلة بعد الاتفاق مع شركة لوسيد للسيارات الكهربائية لافتتاح مصنع لها في السعودية حيث يملك صندوق الاستثمارات العامة حصة سيطرة في الشركة تفوق 60 في المائة وأيضا ما قد يشجع لافتتاح خطوط إنتاج لشركات سيارات عديدة في المملكة، فالتوجه هو لجذب المزيد من الاستثمارات التي تعتمد على عناصر معدنية من داخل المملكة ومن دول في القارة الإفريقية والآسيوية لتكون هذه الصناعة ذات بعد دولي ومرتكز ومستقر للكثير من الشركات الرائدة عالمياً في التعدين في المملكة خصوصاً أن توجهات الاقتصاد العالمي نحو تطوير استخدمات المعادن تبدو واسعة مع الاتجاه لصناعة السيارات الكهربائية، حيث تمثل البطاريات أكثر من 30 في المائة من تكلفة السيارة وجل مدخلات إنتاجها هي من المعادن، إضافة إلى أن التوسع في إنتاج الطاقات المتحددة خصوصا الشمسية تعتمد أيضا على المعادن.

فما أنجز خلال الأعوام الخمسة الماضية في قطاع التعدين يمثل الركيزة الأساسية لانطلاقته حيث صدر نظام الاستثمار التعديني، كما أن بنك المعلومات للمواقع التعدينية أصبح مكتملاً بحسب ما تم استكشافه من ثروات حيث حددت آلاف المواقع ويمكن للمستثمرين الاطلاع عليها والحصول على كافة المعلومات التي يحتاجونها لبناء دراسات الجدوى الاقتصادية، كما راعت الأنظمة الصادرة لقطاع التعدين حماية المستثمر والمجتمع والبيئة وأن نكون الاستفادة الاقتصادية بالتوظيف وتلبية الطلب للشركات المرخصة لأهل المدينة القريبة من المواقع التعدينية، فهذا القطاع واسع بمنتجاته ويدخل في صلب احتياجات قطاعات عديدة لا تقتصر على الصناعات الثقيلة، بل لعل أكبر المستفيدين من المعادن ومنتجاتها هو قطاع التطوير العقاري الذي سيرفع حجم الطلب على منتجات تعدينية عديدة تدخل في مواد البناء والأثاث وغيرها، فمع هذا الحجم الضخم للثروة التعدينية تهدف المملكة والتي تعد رابع مستورد للمعادن عالمياً أن تخفض فاتورة الواردات بنحو يتخطى 60 في المائة مع التوسع في الإنتاج المحلي ولذلك فإن فرص الاستثمار تبدو كبيرة جداً في مجالات الاستكشاف والإنتاج والاستشارات وغيرها.

في التعدين الفرص تقل مع الزمن، هذا ما قاله نائب وزير الصناعة لشؤون التعدين المهندس خالد المديفر في مقابلته مع الزميل عبدالله المديفر في برنامج في الصورة فعندما يزداد عدد التراخيص على المواقع التي تم تحديدها فإن فرص الاستثمار ستقل وستكون تكلفة الدخول بالشركات القائمة مرتفعة، بينما تعد المرحلة الحالية ذهبية لمن يبحث عن فرص واعدة في القطاع الذي تهدف المملكة لأن يصل حجمه في الناتج المحلي لنحو 240 مليار ريال عام 2030 ارتفاعاً من 80 مليار ريال حالياً اي سيتضاعف مرتين على أقل تقدير.

 

 

 

نقلا عن الجزيرة