توقع مؤشر آي إتش سي ماركت IHS Markit أن يُسجل الاقتصاد السعودي خلال الربع الأخير من العام 2021، أعلى مستويات النمو بين دول مجموعة العشرين عند 11.1 %، في حين أبقى البنك الدولي World Bank على توقعاته بنمو الاقتصاد السعودي بنسبة 2.4 % خلال نفس العام، مقارنةً بتوقعاته في شهر يونيو الماضي، فيما رفع توقعاته للنمو إلى 4.9 % في عام 2022، مقارنةً بتوقعاته السابقة عند 3.3 %.
كما وأوضح البنك في تقرير له، أنه من المتوقع أن يسجل الاقتصاد السعودي نمواً تبلغ نسبته 2.3 % في عام 2023، مقارنةً بتوقعاته السابقة عند 3.2 %، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن يسجل القطاع النفطي تعافياً قوياً، ما يشكل دعماً للصادرات، بالإضافة إلى استفادة الأنشطة غير النفطية من ارتفاع نسب المتلقين للقاحات فيروس كورونا، ومن الاستثمارات المتسارعة.
دون أدنى شك أن ما ذكرته تقارير دولية مرموقة، مثل آي اتش اتس ماركت وأيضاً البنك الدولي وكذلك ما أشارت إليه وكالات الائتمان الدولية، كوكالة موديز ووكالة فيتش وغيرهما من الوكالات عن القوة الائتمانية السيادية للمملكة، يدلل على كفاءة الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي انتهجتها الحكومة السعودية منذ انطلاقة رؤية المملكة 2030 في شهر إبريل 2016، هذا بالإضافة إلى الدعم الكبير غير المحدود والإشراف المباشر الذي تحظى به برامج الرؤية الأساسية الـ 13 من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.
كما أن هذه الأرقام القوية لأداء الاقتصاد السعودي، تُعطي برهاناً واضحاً على كفاءة تعامل حكومة المملكة مع تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد منذ تفشي الجائحة في شهر ديسمبر 2019 ووصولها لذروتها في شهر مارس من عام 2020، والتي كان لها الأثر الواضح والملحوظ في تخطي تبعاتها بأقل الأضرار والتكاليف، رغم الانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية، التي وصلت إلى ما دون الصفر في عام 2020.
وعلى الرغم من أن العديد من دول العالم، بما في ذلك دول صناعية كبرى لا تزال تُعاني من تداعيات وإرهاصات الجائحة، إلا أن المملكة اعتبرت وصنفت من بين أوائل الدول على مستوى العالم، وبتحديد أكثر على مستوى دول مجموعة دول العشرين، التي تَخطت التداعيات التي فرضتها الجائحة، والتي تُذكر العالم بتأثيرات الحرب العالمية الثانية، وإن لم يكن أكثر من ذلك، بسبب أن الجائحة تسببت في الإضرار بالصحة العامة إلى جانب الإضرار باقتصادات جميع دول العالم بلا استثناء، وتسببت أيضاً في دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود غير مسبوقة أشبه ما يكون بالركود الاقتصادي الذي انتاب العالم في حقبة الثلاثينات من القرن الماضي.
وما يؤكد على نجاعة الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي انتهجتها المملكة، بالإضافة إلى نجاحها في التعامل مع تداعيات فيروس كورونا تحقيق الناتج المحلي الإجمالي لنمو بلغ 7 % خلال الربع الثالث من 2021، والذي يُعد أعلى معدل نمو سنوي منذ 2012 قبل تَفشي الجائحة بسنوات، ما يعكس قدرة المملكة على التعافي الاقتصادي السريع من آثار جائحة كورونا وعودة الأنشطة الاقتصادية إلى طبيعتها ما قبل الجائحة، مستفيدة بذلك من الإنفاق الحكومي السخي.
فمنذ الإعلان عن الجائحة كجائحة عالمية سارعت الحكومة السعودية ممثلة بكل من وزارة المالية والبنك المركزي السعودي (ساما) بتبني العديد من السياسـات التحفيزيـة لمواجهة تداعيات الجائحة على مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية، بما في ذلك المستثمرون والأفراد. فقد ساهمت الحزم المالية التي تم تبنيها بقيمة 422 مليار ريال (238 مليار ريال حزمة تحفيز متبناة من قبل وزارة المالية، و184 مليار ريال حزمة تحفيز مُتبناة من قبل البنك المركزي) منذ بداية الأزمة وحتى بداية شهر سبتمبر من عام 2021 في التخفيف من حدة التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن الجائحة ودعم مسارات التعافي الاقتصادي.
بهذه الجهود الاستثنائية التي قامت بها الحكومة السعودية، أثبتت قدرتها الفائقة على تجاوز تداعيات الجائحة والتصدي لتحدياتها، وليس ذلك فحسب، بل إنها تَمكنت من أن ترسم نموذجاً اقتصادياً فريداً على مستوى العالم في التحفيز المقدم للاقتصاد الوطني.
وقد نجحت المملكة وهذا هو الأهم في المحافظة على أرواح المقيمين على أرضها الطاهرة من مواطنين ومقيمين، بما في ذلك مخالفو نظامي العمل والإقامة، من خلال تقديم دعم مالي سخي للمنظومة الصحية تجاوزت قيمتها الـ 47 مليار ريال، والتي أتت بأكلها وثمارها بأن أصبحنا من بين أقل الدول على مستوى العالم بالنسبة للإصابات والوفيات، بما في ذلك الأعلى من حيث توفير اللقاحات والتي تجاوزت الـ 53 مليون لقاح بتاريخ نشر هذا المقال، ما ساهم في المحافظة على النظام الصحي من الانهيار وكذلك على الصحة العامة.
أخيراً وليس آخراً، في الوقت الذي تسببت فيه الجائحة بفقدان العديد من سكان العالم لوظائفهم، تَمكنت المملكة رفع وتيرة توظيف السعوديين في القطاع الخاص لأعلى مستوى ربعي لها على الإطلاق حسب السجلات الإدارية، حيث قد بلغ عدد الوظائف الجديدة المستحدثة 90 ألف وظيفة خلال الربع الرابع فقط من العام الماضي 2021، في حين تخطى عدد المشتغلين السعوديين في القطاع الخاص حاجز 1.9 مليون عامل لأول مرة على الإطلاق في ديسمبر 2021، الأمر الذي يعكس فاعلية سياسات حكومة المملكة في إيجاد الوظائف للسعوديين في القطاع الخاص.
نقلا عن الرياض