في احد مواقع التواصل الاجتماعي كان هناك نقاشا حول موضوع زيادة رأس المال بحقوق اولوية من بعض الاعضاء, وحقيقة من خلال ما تم طرحه من اسئلة او ايراده من اعتراضات لدى بعضهم على هذه العملية تبين لي ان هناك جهلا لدى الكثير بمبررات هذه الزيادة , ونقصا في معرفة الأنظمة والقوانين التي تخص الشركات في المملكة العربية السعودية , كما لاحظت أن الاغلبية الساحقة لا يقرؤون نشرات الاصدار الخاصة بزيادة رأس المال مما ينتج عنه سوء الفهم حول هذه الزيادات , واتخاذ القرار المناسب.
من هذه التساؤلات , لماذا لا تمنع الجهات المختصة هذه الشركات من زيادة رأس مالها , والاجابة بكل اختصار ان هناك انظمة وقوانين متى ما استوفت الشركة هذه المتطلبات فمن حقها موافقة هيئة السوق المالية على طلبها , ثم لماذا تمنع الهيئة هذه الزيادة اذا كان ملاك الشركة ( وهم جميع من يملك في الشركة اسهما سواء قلت أو كثرت) راغبون ومستعدون لإنقاذ الشركة ودعمها للعودة الى المسار الطبيعي ,وان كانوا غير موافقين على ذلك فبإمكانهم رفض هذه الزيادة عبر التصويت في الجمعية العامة غير العادية للشركة والتي تعقد لهذا الغرض , فعملية زيادة رأس مال الشركة هي في الحقيقة عملية تمويل للشركة من ملاكها لتحسين وضع الشركة المالي بدل منعها من هذا الدعم الذي قد يؤدي في الغالب الى تصفية الشركة وشطبها من تداول , وبالتالي يكون هناك ضررا بالغا على الآلاف من ملاك الشركة, فدعمهم للشركة من خلال زيادة رأس المال يساهم في تحسين المؤشرات المالية للشركة وبالتالي تحسن سعرها في السوق , وخروج المساهم غالبا بربح جيد , او على الاقل بأقل خسارة ممكنة.
عملية زيادة رأس المال من خلال طرح اسهم بمقابل أو طرح اسهم جديدة للدائنين عملية لا تختص بالسوق السعودي فقط , وانما توجد في الاسواق العالمية المتقدمة والناشئة , وهو في الاخير قرار يخص ملاك الشركة فهم الذين سيدفعون المال ,وهم الذين سيجنون نتائج قرارهم لوحدهم.
ان لزيادة رأس مال الشركات عن طريق حقوق أولوية فوائد متعددة , ومن هذه الفوائد ما يلي:
- المساهمة في استدامة هذه الشركات وتطويرها , وحل تعثراتها المالية وبالتالي تحسين وضعها المالي , ومن ثم يتحسن تبعا لذلك سعرها السوقي بما يخدم مساهمي الشركة.
- ان زيادة راس مال هذه الشركات , هو في الواقع تحويل جزء من الأموال في سوق الاسهم والتي لا تدخل ضمن الناتج القومي , واعادتها الى رأس المال العامل في الشركات , وبالتالي تحقيق منافع متعددة للاقتصاد الوطني منها على سبيل المثال المساهمة في خلق وظائف جديدة , وزيادة الانتاج الوطني وتحسينه , وتعزيز وضع الشركات الوطنية أمام الشركات الاجنبية المنافسة.
- ان منع او عدم التوصية من مجلس الادارة للشركات المتعثرة برفع رأس مالها يؤدي غالبا الى تعثرها وانحسار نشاطها أو توقف أعمالها ومن ثم تتجه – عاجلا أو آجلا - الى التصفية والشطب , وهذا سيكون له انعكاسات اقتصادية واجتماعية كبيرة على عدد كبير من المواطنين كون الشركة المساهمة العامة تختلف عن الشركة غير المدرجة بكثرة عدد المساهمين فيها وبالتالي تضرر عدد كبير من المواطنين في هذه الشركات ,
- الشركات المتعثرة غالبا تكون قديمة النشأة وخسائرها متراكمة منذ سنوات , وهناك تساءل هل المصلحة في دعم هذه الشركات القديمة أو تركها لمصيرها لصالح الشركات الجديدة التي ربما تملك منتجات جديدة وافكارا متطورة تناسب العصر , لكن الشركات القديمة لديها نقاط تدفع بتطويرها والوقوف معها , منها اكتسابها خبرات طويلة في نشاطها , ومعرفة نقاط القوة والضعف في اعمالها , كما ان موظفيها يملكون الخبرة والمعرفة في نشاطهم , واذا كانت المشكلة في مجلس الادارة فبإمكان المساهمين القيام بتغييرهم وانتخاب وجوه جديدة لقيادة الشركة.
- عملية زيادة رأس المال للشركات المساهمة في الاسواق العامة تعتبر إحدى مميزات الانضمام الى هذه الاسواق, وذلك نظرا لاتساع قاعدة ملاك الشركة عكس الشركات غير المدرجة , ورغم ان النظام يتيح رفع رأس المال من قبل المساهمين سواء للشركة المدرجة أو غير المدرجة لكن كثرة عدد المساهمين للشركة المدرجة يخفف تأثير هذه الزيادة على المساهم , كما ان اضافة هذه الحقوق الى ملكيته السابقة وامكانية بيعها في السوق يسهل له التخارج سريعا من الشركة ان رغب ذلك , عكس الشركة غير المدرجة التي لا تستطيع غالبا رفع راس مالها نتيجة محدودية الملاك والتكاليف الباهظة لرفع رأس المال ,وعدم امكانية التخارج بسهولة من الشركة.
- القول بأن المساهم يدفع خسارة الشركة من جيبه عبارة غير دقيقة ,فالعبارة توحي أن الشركة هي المستفيدة الوحيدة , لكن الحقيقة أن الطرفين مستفيدين غالبا من هذه العملية , فالمساهم لا يدفع للشركة مجانا وانما مقابل اعطائه اسهم يستطيع بيعها بعد اسابيع من عملية الاكتتاب في سوق نشط تصل فيه التداولات اليومية الى مليارات الريالات.
خاص_الفابيتا
لكن فيه نقطة مهمة وهي إن دور الهيئة حماية المستثمرين من بعضهم البعض!! بعض الشركات تكون السيطرة فيها في يد عدد محدود من المساهمين ومن الممكن أن يتصرفوا بطريقة غير مناسبة لكثير من المساهمين، وهذا سبب الحاجة لأخذ موافقة الهيئة. ولكن بشكل عام (نظرياً) الشركة ملك لملاكها ولهم الحق يفعلون ما يشاؤون.
عندما تكون زيادة رأس المال بشروط من الهيئة لرفع الكفاءة المالية لهذه الشركات فهذا مقبول، ولكن الغير مقبول هو موافقة الهيئة على زيادة حقوق الاغلبية للمرة الثانية او الثالثة من غير تغييرات تذكر في ادارات هذه الشركات وفي سياساتها او خططها المستقبلية رغم ان هذه الشركات أمضت عشرات السنين منذ تأسيسها وتم الموافقة لها عدة مرات من قبل، ولو سمحت لا تلوم من لم يقتنع بهذه الزيادات بالجهل وعدم قراءة نشرات الاصدار، فقد قرأنا العديد منها ولم نجد ما ذكرته من خطط مستقبلية وخلافه والرجاء إحترام من يقرأ لك.