تداولات حذرة في معظم الأسواق هذا الأسبوع، حيث تترقب الأسواق حديث "الفيدرالي"، وما إن كان سيلمح للانتهاء من برنامج التيسير الكمي بوتيرة أسرع من الموعد الذي حدده سابقا بنهاية النصف الأول من العام المقبل 2022، وذلك للتخفيف من حدة التضخم المتسارع في الولايات المتحدة، حيث وصل إلى مستويات مرتفعة لم يحققها منذ أربعة عقود متجاوزا نسبة 6.8 في المائة في الشهر الماضي، كما لا تزال آثار جائحة فيروس كوفيد تلقي بظلالها على الاقتصاد رغم التحسن الملحوظ في معظم قطاعاته، إلا أن مشكلات سلاسل التوريد وارتفاع أسعار الوقود ما زالت تعانيها البلاد. كما صرح في وقت سابق جيروم باول؛ رئيس المجلس الاحتياطي الفيدرالي، بأن متحور أوميكرون يمكن أن يبطئ من حالة تعافي الاقتصاد، ويؤثر في سوق العمل، ويزيد من نسبة التضخم، رغم تكرار باول أن التضخم سيكون مؤقتا، إلا أنه في تصريح سابق له ذكر أن ارتفاع التضخم سيستمر للعام المقبل 2022.
وتحدثنا في مقال سابق أن تكرار تصريحات "الفيدرالي" بأن التضخم مؤقت ليس له انعكاس حقيقي على الواقع، فكبار المستثمرين من صناديق ونحوهم وكل من لديه خبرة في الأسواق يعلم أن السيطرة على معدلات التضخم المتسارعة لن تكون سهلة، كما أنها لن تكون مؤقتة، كما يرغب ويصرح به باول؛ وبعض من أعضاء "الفيدرالي"، بل إن هذه التصريحات المتكررة لن تفيد الأسواق بشيء إلا كإبرة مؤقتة سيزول مفعولها عندما تصل نسبة التضخم إلى مستويات مرتفعة، كما هي الآن، وسيكون "الفيدرالي" مجبرا على رفع أسعار الفائدة على الدولار لمحاولة السيطرة على التضخم؛ ما يعني دخول الأسواق عمليات جني أرباح واسعة النطاق، إن لم تكن عمليات تصحيح لموجة صاعدة كانت طويلة من حيث النسبة وقصيرة من حيث المدة، فقد حققت الأسواق من قاع ذروة الجائحة العام الماضي ما يقرب من 100 في المائة، وربما أكثر من ذلك في بعضها. يعد الشهر الحالي كانون الأول (ديسمبر) نهاية العام الميلادي 2021، من أهم الأشهر للشركات المالية، حيث تختتم قوائمها وتحاول الحفاظ على مكتسباتها خلال العام، كما يحرص رؤساؤها على ذلك؛ للحصول على "البونص" نظير جهودهم طيلة العام؛ ما سيدفعهم إلى البيع عند أي إشارة لعمليات تصحيح.
من ناحية فنية، في الاتجاهات الصاعدة دائما ما يكون النظر بتوقع تحقيق قمم جديدة أو اختراق قمم سابقة، وهو ما ينطبق على مؤشر داو جونز ومؤشر إس آند بي 500، حيث ما زالا قريبين من قمتهما التاريخية، لكن أعتقد أن التركيز على الدعم سيكون هو الأهم لما ذكرناه من أسباب تؤثر بشكل كبير في تحركات الأسواق والدولار. لذلك أقرب مناطق الدعم لـ "داو جونز" عند 34 ألف نقطة، بينما أقرب مناطق الدعم لـ "إس آند بي 500" عند 4500 نقطة، اختصرنا الحديث على هذين المؤشرين لما لهما من تأثير في أسواق العالم.
من وجهة نظر شخصية، فثقة المستثمرين بـ "الفيدرالي" اهتزت مرة وستهتز مرة أخرى، الأولى عندما وصف أن التضخم تحت السيطرة ولم يكن كذلك، والأخرى عندما يجد نفسه مجبرا على رفع الفائدة خلال 2022 بعدما كان يصرح بأنه لا رفع قبل عام 2023.
نقلا عن الاقتصادية