حلول الطاقة الشمسية خارج الشبكة في إفريقيا

02/12/2021 0
د. نعمت أبو الصوف

امتلاك إفريقيا إمكانات هائلة لتوليد الطاقة المتجددة حقيقة لا شك فيها، لكنها مع ذلك، فشلت في جذب كثير من الاهتمام لتحقيق ذلك، السبب بسيط وهو أن استغلال هذه الإمكانات كان يمثل تحديا. رغم ذلك، كانت هناك طرق تم من خلالها نشر الطاقة الشمسية في إفريقيا وأجزاء أخرى من العالم لتوفير خدمات حيوية.

إفريقيا لديها إمكانات طاقة شمسية تصل إلى 1000 جيجاواط وطاقة رياح 110 جيجاواط، فضلا عن 350 جيجاواط من الطاقة الكهرومائية و15 جيجاواط من الطاقة الحرارية الأرضية. ومع ذلك، لا تزال كل هذه الإمكانات الهائلة غير مستغلة إلى حد كبير، رغم أن مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أصبحت رخيصة نوعا ما، من المرجح أنها تتساوى مع محطات الفحم في بعض أنحاء العالم. من المحتمل أن يكون الموقف مفاجئا لأولئك الذين يتابعون العناوين الرئيسة المتفائلة فقط، لكن الأشخاص الذين لديهم بعض المعرفة حول كيفية عمل مصادر الطاقة المتجددة في الواقع وكيفية عمل الشركات عموما لن يفاجأوا بالحالة في إفريقيا والمناطق النامية الأخرى في العالم.

حاليا قدرة الطاقة الشمسية الفعلية في إفريقيا بالكاد تبلغ 10.58 جيجاواط. لكن وفقا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة IREA، هذه زيادة كبيرة على 211 ميجاواط من الطاقة الشمسية التي كانت القارة تمتلكها عام 2011. بالفعل، الزيادة من 211 ميجاواط إلى 10.58 جيجاواط تعد نموا قويا للغاية رغم أن التركيبات الشمسية الحالية بعيدة كل البعد عن تطلعات الدول الإفريقية.

تجدر الإشارة هنا إلى أن كثيرا من قدرات الطاقة الشمسية في إفريقيا موجودة في دول شمال إفريقيا مثل مصر، المغرب والجزائر، إضافة إلى 5 جيجاواط في جنوب إفريقيا. في حين أن هذه القدرات قليلة ومتباعدة في جنوب الصحراء الكبرى. وكذلك الشبكات الكهربائية. تولد مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، الكهرباء عن طريق التقاط ضوء الشمس أو طاقة الرياح وتحولها إلى كهرباء. بعد ذلك، يجب نقل هذه الكهرباء إلى حيث سيتم استخدامها أو تخزينها. ومع ذلك، فإن عديدا من الدول الإفريقية، ولا سيما في جنوب الصحراء الكبرى، تفتقر إلى بنية تحتية للنقل واسعة بما يكفي لاستيعاب منشآت الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح على مستوى المرافق الاقتصادية.

لحسن الحظ، تتمثل إحدى مزايا تقنية الطاقة الشمسية مقارنة ببعض البدائل الأخرى في إمكانية استخدامها خارج الشبكة off the grid. رغم أن عمر صناعة الطاقة الشمسية خارج الشبكة لا يتجاوز عشرة أعوام، قدمت بالفعل حتى في هذه المرحلة المبكرة خدمات طاقة عالية الجودة لمئات الملايين من الأشخاص، وهو أمر لم تكن خدمات الكهرباء التقليدية قادرة على تقديمه أو كانت غير راغبة في ذلك. في الواقع هذا هو أحد المجالات الذي يجعل من الطاقة الشمسية خيارا مناسبا لمثل هذه الحالات. إنه أيضا المجال الذي يمكن أن تسهم فيه الطاقة الشمسية في القضاء على فقر الطاقة وإنقاذ أرواح الملايين. في عام 2017 أفادت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أن هناك 21 ألف منشأة رعاية صحية على مستوى العالم تعتمد على الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء، معظمها عيادات صغيرة، وعديد منها في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ذكر التقرير أيضا ابتكارات المنتجات مثل الحقيبة الشمسية التي طورتها منظمة غير ربحية تتضمن مجموعة محمولة من المعدات الطبية التي تعمل بلوحة شمسية.

الحصول على الكهرباء شيء يعده كثير في الدول المتقدمة والنامية حقا مكتسبا لهم، مثل الحصول على الغذاء. ومع ذلك، بالنسبة لكثير من الناس في إفريقيا، الحصول على الكهرباء غير متوافر للجميع. هناك أكثر من مليار شخص في العالم لا يحصلون على الكهرباء، ويعيش عديد من هؤلاء الأشخاص في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

يمكن أن تكون أنظمة الطاقة الشمسية خارج الشبكة منشآت صغيرة يمكنها تشغيل مروحة أو تلفزيون، على سبيل المثال، أو حقيبة الطاقة الشمسية المذكورة أعلاه. نظرا لكونها عملية وبأسعار معقولة بشكل متزايد، فقد ازدهرت أسواق الطاقة الشمسية خارج الشبكة في الأعوام الأخيرة. وفقا لتقرير صادر عن البنك الدولي عام 2020، بلغ حجم سوق الطاقة الشمسية خارج الشبكة 1.75 مليار دولار، مع 420 مليون مستخدم، يعيش معظمهم في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. في بعض الدول الإفريقية، يحصل أقل من 50 في المائة من السكان على الكهرباء، ما يجعل مصادر الطاقة البديلة أكثر حيوية.

علاوة على ذلك، من المحتمل أن تظل أهمية الأنظمة الشمسية خارج الشبكة أساسية في المستقبل أيضا. والسبب هو أن توسعات الشبكة في المناطق الريفية من غير المرجح أن تصبح فجأة مربحة، ما يعني أن المستثمرين في مثل هذه المشاريع غير موجودين.

في النهاية الأمر كله يتعلق بالتكلفة والربح. رغم اتفاق زعماء العالم في قمة المناخ في جلاسكو COP26 على مساعدة الدول الفقيرة في التحول في مجال الطاقة، إلا أنهم تجنبوا تقديم التزامات محددة، مثل الاستثمار في توسيع الشبكة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. لسوء الحظ، يبدو أن هذا الاستثمار من غير المرجح أن يؤتي ثماره.

من ناحية أخرى، يبدو الاستثمار في أنظمة الطاقة الشمسية خارج الشبكة كأنه مهيأ للنمو. ببساطة، هناك عدد قليل جدا من البدائل للكهرباء في أفقر مناطق العالم. تعد مولدات الديزل مصدرا شائعا للكهرباء، لكن مع ارتفاع أسعار النفط، قد يصبح هذا الأمر باهظ التكلفة بالنسبة لكثيرين. لكن، أسعار الألواح الشمسية آخذة في الارتفاع أيضا بسبب تداعيات الوباء الذي أحدث خللا في سلاسل التوريد العالمية، وأثر ذلك في مبيعات أنظمة الطاقة الشمسية خارج الشبكة. لكن عاجلا أم آجلا، ستعود الأمور إلى طبيعتها مرة أخرى بسبب عدم وجود عديد من البدائل الأخرى.

بدأت المزارع الشمسية على نطاق المرافق تمثل إشكالية في بعض أجزاء العالم، ما أثار معارضة دعاة حماية البيئة بسبب تحديات مثل استخدام الأراضي وإنتاج الحرارة. ومع ذلك، فإن الأنظمة الشمسية المحمولة خارج الشبكة ليس لها أي من هذه العيوب. يمكن لهذه الأنظمة أن تنقذ الأرواح في الأماكن التي تعد فيها الكهرباء رفاهية وليست شيئا مسلما به.

بالفعل كثير من الدول الإفريقية دفعت باتجاه الطاقة المتجددة، لكنها تكتشف أنها باهظة الثمن. مع ذلك، يمكنها أن تحقق تقدما في هذا المجال، لكن من أجل هذا، تجب زيادة الاستثمارات. توليد الطاقة المتجددة نوعا ما رخيص التكلفة، لكن نقلها وتخزينها ليس رخيصا إذا لم تبن بعد الشبكة - حتى الشبكة الصغيرة - ومرافق التخزين لهذا الغرض.

 

نقلا عن الاقتصادية