مرحلة إيجابية ومزدهرة يعيشها السوق المالي السعودي منذ قرابة عام ونصف العام، حيث حقق ارتفاعات تقارب الضعف على مؤشر السوق، بل إن ما حققه السوق من ارتفاعات منذ بداية العام الحالي تُعدّ من الأعلى عالمياً مدعومة بعوامل إيجابية أساسية عديدة، كما أن السوق بشهادة بنك مورغان ستانلي يُعدّ من الفرص المهمة بين الأسواق الناشئة، وأوصى بزيادة المراكز الاستثمارية فيه قبل حوالي شهرين، فالتطورات التي شهدها السوق خلال السنوات القليلة الماضية عديدة من حيث الأنظمة والتشريعات وزيادة عمق السوق بإدراج عشرات الشركات مما وفر خيارات استثمارية واسعة. ويعد تاسي من بين أكبر عشرة أسوق عالمية من حيث القيمة بعد إدراج شركة أرامكو، وتتجاوز قيمته عشرة تريليونات ريال.
وبالعودة للأساسيات التي ما زالت تدعم الاتجاه الصاعد للسوق للسنوات القادمة فترتكز على عوامل داخلية، حيث يمر اقتصاد المملكة بنمو جيد بعد جهود كبيرة بُذلت لاحتواء آثار جائحة كورونا التي أدخلته بركود كحال الاقتصاد العالمي، لكن خطط الاحتواء والتحفيز إعادت النمو للاقتصاد مجدداً، إضافة إلى أوضاع الاقتصاد العالمي التي تحسنت كثيراً مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع ومن أهمها النفط. وأيضًا الطلب الكبير على المنتجات البتروكيماوية، حيث تنتج المملكة عبر عشرات الشركات حوالي 8 بالمائة من الإنتاج العالمي، والكثير من هذه الشركات مدرجة بالسوق المالية. كما أن من العوامل الرئيسية انخفاض سعر الفائدة لمستويات منحفضة جداً قريبة من الصفر، مما يعني أن الفرص بالسوق المالي من حيث العائد أعلى بكثير من أسعار الفائدة كأحد المؤشرات المهمة عند قياس الفرص الاستثمارية، إضافة إلى حجم السيولة الضخم بالاقتصاد الذي يتجاوز تريليوني ريال مع نمو كبير بمبيعات وصافي أرباح أكبر القطاعات الرئيسية بالسوق. أما في النظرة المستقبلية وهي ما تعني المستثمرين، فحسب البيان التمهيدي للميزانية العامة الدولة يتوقع تحقيق معدل نمو بالناتج الإجمالي في العام 2022م يصل إلى 7.5 بالمائة، مما يشير إلى عودة النشاط الواسع لكل قطاعات الاقتصاد. وهذا ما سينعكس على نتائج الشركات في أغلب قطاعات السوق المرتبطة بالاقتصاد المحلي.
كما أن البرامج التنموية الضخمة التي أطلقت وتشمل العديد من القطاعات الصناعية والخدمية وخطط صندوق الاستمارات العامة للاستثمار الداخلي بحوالي ثلاثة تريليونات ريال حتى العام 2030، إضافة إلى ما تضمنه برنامج الاستثمار الوطني من تفاصيل تستهدف ضخ حوالي 12 تريليون ريال لعشرة أعوام قادمة تتضمن استثمارات صندوق الاستثمارات العامة، جميعها تمثل رافداً مهماً لدعم استدامة النمو الاقتصادي مع الإنفاق الاستهلاكي، وكذلك مخصصات الموازنة العامة للسنوات العشر القادمة. أما عالمياً فيمكن القول أن احتواء آثار جائحة كورونا أصبح واقعاً والتعامل مع المرض بات أكثر فاعلية بإنتاج اللقاحات والعلاجات التي أُعلن عنها مؤخراً، مما يقلل من مخاطر عودة تفشٍ واسع للمرض أو وقوع تحورات تقلل فعالية اللقاحات رغم أنه ما زال يصنف خطراً قائماً، لكن تضعف قوته تدريجياً، كما أن ارتفاع التضخم الذي يُعدّ من التحديات المهمة ما زالت البنوك المركزية الكبرى في العالم تنظر له على أنه عابر بحسب وصفهم، وسيتم معالجته مع حل أزمة سلاسل الإمداد التي بدأت تنفرج وفق آخر التقارير العالمية.
فالأسواق في النهاية تنظر للأساسيات الداعمة لأي اتجاه لها، والعوامل الحالية تمثل دعماً إيجابياً وتغيرها لن يكون سريعاً، فالعالم يسعى لاستعادة النمو الاقتصادي والتغلب على تداعيات الجائحة، ولذلك فإن أي قرارات للدول بسياساتها النقدية والمالية وخططها الاقتصادية ستراعي الحفاظ على النمو، وهو ما يدعم اقتصادنا المرتبط بالاقتصاد العالمي، إضافة إلى العوامل الداخلية الإيجابية، وفي الوقت ذاته دائمًا ينظر المستثمر للمخاطر ويقيّمها ويتخذ قراراه على أساس المفاضلة بين الإيجابيات والسلبيات، ويميل للعوامل الأساسية وليس للتحركات اللحظية كعمليات جني الأرباح كالتي حدثت مؤخراً بالسوق السعودي، فالاستثمار يُقاس على مدد زمنية متوسطة وطويلة الأمد، وتغيير القرار الاستثماري بالسوق يفترض أن يخضع لتقييم دوري وينظر للأساسيات وحجم التغير بها وتأثير ذلك على مستقبل الاستثمار به.
نقلا عن الجزيرة
كلامك صحيح استاذ محمد .. المقال يركز على جانب النمو الاقتصادي لكن لم يوضح ما إذا كانت أسعار الأسهم الحالية عادلة وليست متضخمة