تشكل التجمعات السكانية العشوائية خطرا محدقا بالمجتمع والمدن عموما، وتتسبب بصداع مزمن للقائمين على خطط التنمية، والجهات الأمنية، والمعنيين بتنمية الإنسان وحمايته وتوفير الخدمات الأساسية له.
وغالبا ما ترتبط العشوائيات بالأطراف، إلا أن هناك أسباباً مختلفة ربما زرعتها داخل المدن وفي مواقع حساسة فتتحول مع مرور الوقت إلى حصن سكاني لا يمكن دخوله أو التعامل معه بسهولة. بل إن بعض العشوائيات تتحول إلى تجمعات ذات نظام عرفي داخلي مستقل لا علاقة له بالنظام العام. نظام قائم على التجاوزات، وربما القهر والاستغلال، والسيطرة ممن نصبوا أنفسهم قيمين على تلك التجمعات العشوائية وأعوانهم.
ومن المهم الإشارة إلى جهود الحكومة المتميزة في معالجة العشوائيات عموماً، وعشوائيات مدينتي مكة المكرمة، وجدة على وجه الخصوص، وبما يتوافق مع رؤية 2030 والتحول التنموي والاقتصادي الذي يقوده سمو ولي العهد. جهود مباركة نتج عنها التخلص من كثير من عشوائيات مكة، ودمج مواقعها ضمن منظومة مشروعات التطوير الشاملة. الأمر عينه ينطبق على مدينة جدة التي عانت أيضاً من عشوائيات قديمة، يصعب التعامل معها بسهولة، غير أن الجهات المختصة عازمة على إمضاء خطط إزالتها وبما يتوافق مع برامج التنمية، والنظام العام، وحفظ الحقوق الذي يعتبر من أولويات الحكومة. فبالرغم من مخالفة سكان العشوائيات لأنظمة البناء والإقامة، إلا أن ذلك لم يحل دون تعويضهم عن تكاليف بناء المساكن التي تم تشييدها على أراض حكومية خالصة.
من المتوقع أن تُواجَه لجان إزالة التعديات على الأراضي الحكومية، ومعالجة أوضاع الأحياء العشوائية بتحديات متنوعة وفي مقدمها إيجاد البديل المناسب لسكان تلك العشوائيات من السعوديين، ومعالجة أوضاع مخالفي أنظمة الإقامة، والتعامل مع الأطفال الذين لا يحملون وثائق ثبوتية كنتيجة حتمية لعدم توثيق زواج والديهم.
ولعلي أركز على الجانب التنموي المرتبط بإيجاد البديل المناسب لسكان تلك العشوائيات، وأشير إلى التجربة الصينية في التعامل مع التجمعات السكانية العشوائية المكثفة، أو التجمعات الريفية التي طالتها خطط التنمية، من خلال إنشاء قرى مصغرة تحتضن أبراجاً متعددة الوحدات السكنية وبما يمكنها من استيعاب العدد الأكبر من الأسر وإيوائهم في بيئة حضارية مكتملة الخدمات. قد يعتقد البعض أن قدرات الصين التنموية وملاءتها المالية من الممكنات غير المتاحة للدول الأخرى، إلا أن التجربة المصرية تعد أيضا من التجارب الحديثة المتميزة عالميا في تطوير العشوائيات وتوفير البيئة البديلة، الملائمة والآمنة للسكان. في أقل من 6 سنوات نجحت وزارة الإسكان المصرية في تنفيذ ما يقرب من 242 ألف وحدة سكنية لسكان المناطق العشوائية الخطرة، فكانت البديل المناسب لسكانها، والمعالجة الناجعة لعشوائيات كثيرة في عدد من محافظاتها.
لذا أقترح أن تهتم وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان بخلق البديل المناسب للعشوائيات، من خلال إنشاء صندوق لمعالجتها، والعمل على تخصيص مدن مصغرة لبناء الأبراج السكنية ذات الوحدات المتعددة، على أن يتم التعاقد مع شركات صينية، أو كورية متخصصة في بناء الأبراج السكنية لضمان سرعة الإنجاز، وجودة المخرجات. إنشاء قرى سكانية مكتملة الخدمات ستكون البديل المناسب لإحتضان سكان العشوائيات بعد إزالتها، والأداة العملية الداعمة لتحقيق أهداف التنمية السكانية وفق منظور حضاري، والحل الأمثل لأهم التحديات التي تواجه القائمين على مشروع إزالة التعديات في جميع مناطق المملكة.
نقلا عن الجزيرة
مثال جيد لما ذكرته عن تجربة مصر ولو ان الفرق واضح بين من يقطن عشوائياتهم من المواطنين أصحاب الدخل المتدني وبين من يقطن عشوائياتنا من مخالفين الاقامة والاجانب
إنتبهوا ياقوم المهم الإسراع فى تعويض سكان هذه العشوائيات ممن يحملون صكوكا سليمة لا غبار عليها قبل حتى البدء فى إجلائهم وهدم منازلهم الحق والعدالة والإنسانية تقتضى ذلك. خلاف ذلك فهى جريمة كبرى !