قمتا روما وكوب 26.. ماذا بعد؟

18/11/2021 0
طلعت بن زكي حافظ

اتجهت أنظار العالم بشغف وتطلعات طموحة إلى النتائج والتوصيات التي تمخضت عن انعقاد أهم وأبرز قمتين على مستوى العالم، أولهما قمة مجموعة العشرين في نسختها السادسة عشر، التي عُقدت بالعاصمة الإيطالية روما G20 Rome Summit خلال الفترة 30-31 أكتوبر الماضي، وقمة المناخ COP26 التي عُقدت في مدينة غلاسكو الأسكتلندية بالمملكة المتحدة خلال الفترة 1-12 نوفمبر الجاري.

لعل ما يميز هاتين القمتين عن بقية القمم العالمية، كونهما يشتركان في أهداف ترتبط بحياة البشرية مباشرة على مستوى الكون، وأن أي مشكلة أو قضية من القضايا التي يُناقشها قادة دول العالم والمنظمات الدولية ذات العلاقة، تُعد مشكلة الكون ككل والبشرية أجمع، بمعنى آخر أن المشكلة أو القضية التي تَحدث ببلد ما، لا تقتصر تداعياتها على ذلك البلد وحده دون غيره، وإنما تَمتد تداعياتها لبقية دول العالم.

من هذا المنطلق، ركزت قمة روما على قضايا المناخ وقضايا تتعلق بالانتعاش الاقتصادي ومكافحة فيروس كورونا، في حين ركزت قمة المناخ على تسريع العمل بشأن قضية تغير المناخ، والالتزام بإجراء تخفيضات أكثر في الانبعاثات الصادرة من بلدانهم، في محاولة للحد من ارتفاع درجات حرارة كوكب الأرض، بالالتزام بحصر الاحترار المناخي بـ 1,5 درجة مئوية، والذي هو هدف الطموح المنصوص عليه في اتفاق قمة باريس للمناخ التي عُقدت بمدينة باريس في دولة فرنسا عام 2015.

من الملاحظ أن كلا القمتين تشتركان في العديد من القواسم المشتركة، التي تَسعى على إسعاد البشرية وضمان لهم حياة كريمة في بيئة عالمية مواتية مناخياً واقتصادياً وصحياً وبيئياً.

ولكن يظل التحدي أمام قادة دول العالم، هو الالتزام بالتنفيذ الحرفي بما تَخرج بها القمتان وغيرها من القمم العالمية من توصيات وقرارات حاسمة، الأمر الذي أكد عليه جميع القادة، بما في ذلك منظمات ومؤسسات أممية، مثل منظمة الأمم المتحدة التي دعت أكبر القوى الاقتصادية على مستوى العالم ضمان جدية التعهدات التي أطلقتها المؤسسات المالية على مستوى التغير المناخي لضمان الوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري بالاستناد إلى أسس علمية تَعمل على إنهاء تمويل مشروعات الوقود الأحفوري الجديدة.

وفي ذات السياق، اتفق قادة مجموعة دول العشرين على اتخاذ إجراءات فاعلة وهادفة للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية والمساعدة في مواجهات التغييرات المناخية.

كما اتفق القادة على زيادة تعزيز الاستجابة الدولية المشتركة لمكافحة انتشار الوباء، تمهيداً للطريق لتحقيق انتعاش وتعافي اقتصادي عالمي، مع إيلاء اعتبار خاص لاحتياجات الفئات الأكثر ضعفاً. هذا بالإضافة إلى الاتفاق على اتخاذ تدابير حاسمة لدعم البلدان الأكثر احتياجاً للتغلب على الوباء، بتحسين قدرتها على الصمود والتصدي للتحديات الحرجة، مثل ضمان الأمن الغذائي والاستدامة البيئية، إضافة إلى توحيد الرؤى لمكافحة تغير المناخ، واتخاذ خطوات مهمة نحو تحقيق المساواة بين الجنسين.

دون أدنى شك أن ما تمخض من اتفاقيات وتوصيات ونتائج عن القمتين شيء رائع ومهم جدا يؤكد على حسن نوايا قادة العالم وتوجههم التوجه الصحيح والسليم لإسعاد البشرية بالمحافظة على كوكب الأرض، ولكن يبقى التحدي الأكبر لجميع القمم هو التنفيذ والالتزام بالتطبيق وفقاً للتواريخ والمدد الزمنية المحددة، سيما وأن دول مجموعة العشرين قد اعترفت بأن اللقاحات هي من بين أهم أدوات مكافحة الوباء، مؤكدة على أن التطعيم المكثف لفيروس كورونا فيه منفعة عالمية عامة، وأنهم سيعملون على تعزيز الجهود المبذولة لضمان الوصول لحل شامل ومنصف للجميع، سيما وأن هناك معلومات تشير إلى أن الدول الأفريقية تصارع وباء فيروس كورونا بسبب النقص فى أعداد اللقاحات التي حصلت عليها القارة، حيث إن أقل من 10٪ من الدول الأفريقية تحقق هدف التطعيم الرئيس ضد فيروس كورونا، ولا يزال الطريق طويلاً للوصول إلى هدف نهاية العام.

وبالنسبة لقضية التغير المناخي وما يتبع ذلك من مشكلات إنسانية وبيئية عدة، من بينها الاحتباس الحراري وحدوث الفيضانات وإلى غير ذلك من المشكلات، فإن ذلك يتطلب حشد الهمم العالمية وتخصيص الأموال اللازمة للاستثمارات الجديدة في الطاقة النظيفة والتخلص السريع من إنتاج الوقود الأحفوري، وبالذات بالنسبة لدول مجموعة دول العشرين، حيث تُشير المعلومات إلى أن دول المجموعة مسؤولة معاً عن أكثر من 75% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري على مستوى العالم.

رغم التحديات والتفاوت بين آراء الدول في معالجة القضايا العالمية المشتركة بسبب التباين بين المصالح، إلا أن التفاؤل لا يزال سيد الملعب، بأن يتمكن العالم من تنفيذ التوصيات التي خرجت بها تلك القمتين بشكل فاعل وممنهج قابل للقياس ضمن ثلاث قضايا رئيسة تهم المجتمع الدولي، وهي: تمكين الإنسان، ودعم الاقتصاد العالمي، والمحافظة على كوكب الأرض.

 

نقلا عن الرياض