الأسواق الأمريكية دائما مهمة ليس في حجمها عالميا فقط ولكن أيضا لأنها مقياس للتسعير والمقارنة في العالم. حجر الزاوية في تسعير السندات عالميا وتباعا أسعار الفائدة هي نسبة الفائدة الأمريكية ولذلك العالم يتابع ما ينطق ويمارس البنك الفيدرالي الأمريكي. تقييم الأسهم والعقارات يرتكز على منحنى الفائدة. منذ الأزمة المالية العالمية والعالم في سياق واحد يغلب عليه نسب فائدة منخفضة تاريخيا وتوسع نقدي مؤثر، كلاهما يصب في رفع أسعار الأصول ويستمر التسعير العالي بوقود برامج التوسع النقدي والإجماع الضمني أن هذه السياسة ستستمر، فقد سجل عرض النقد مستوى تاريخيا في العام المنتهي الشهر الماضي ما قد يشرح ارتفاع التضخم. لا أحد يعرف ما سيحدث للأسواق في المدى القصير ولكن لا بد من الحذر. نحتاج إلى مراجعة سريعة للأسواق الرئيسة.
لأهمية نسب الفائدة لنبدأ بسوق السندات. وصلت سوق السندات الأمريكي القاع في 1981 حين وصل العائد على سند الحكومة الأمريكية 13.92 في المائة لعشرة أعوام (العلاقة عكسية بين نسبة الفائدة وسعر السند) مقارنة بعائد 52. في المائة في آب (أغسطس) 2020، مقارنة بالعائد اليوم 1.54 في المائة ما يجعله ما زال منخفضا تاريخيا ولكن في ارتفاع معتبر لأن الأسواق تتفاعل مع التوجهات أحيانا أكثر من نقطة البداية على الأقل في المدى القصير ما يشرح جزئيا التذبذبات الحالية.
أيضا تقييم الأسهم لا يشجع إذ يعد ربما أهم مؤشر (مقياس شيلر المعدل السعر/ عائد السهم - نسبة إلى أستاذ الاقتصاد في جامعة ييل والفائز بجائزة نوبل للاقتصاد) عند 37 ضعفا في ثاني أعلى مستوى تاريخي منذ قياسه 1881 مقارنة بمتوسط 17 ضعفا. كان هذا المؤشر عند 44 قبل الانخفاض الحاد في نهاية 1999. كذلك لا بد من ذكر الانقسام الحاد في السوق إذ إن عدة شركات في التقنية حققت مكاسب تريليونية في السوق بينما أغلب السوق ظل في أسعار ليست جنونية.
تمثل أسعار المنازل أهم مؤشر لسوق العقار لأهميتها للعامة وحجمها الذي يصل إلى نحو 12 تريليون دولار. سجلت ارتفاعا غير عادي 17.7 في المائة للعام المالي المنتهي في 72021، كأعلى نسبة منذ بدأ هذا المؤشر في 1975.
المراجعة السريعة أعلاه تدل على أن الأسواق مرتفعة الأثمان تاريخيا وأن العلاقة بين تسعير الأصول ونسب الفائدة منطقية، ولكن الإشكالية في تقييم الأصول أن العلاقة ليست رياضية منطقية في أغلب الأحوال قياسا على التجربة البشرية في كل الأسواق ولكن تخضع لقراءة السياق عند العقل الجمعي والمقارنة بين المألوف عند الناس وسيطرة عقلية القطيع. هذه النزعة في التصرفات كونية إذ إن هناك تصرفات بشرية ملازمة للعلاقة مع المال والاستثمار. أحيانا تأخذ الأسواق عقودا لاسترداد أرقامها، فمثلا ما زال مؤشر نيكاي الياباني عند نحو 28 ألف بينما وصل في ذروته نحو 39 ألفا في 1989، على سبيل المثال لا الحصر.
نقلا عن الاقتصادية