قد تبدو للوهلة الأولى المسافة شاقة والهوة عميقة ما بين القمة والقاع !!، لكن من تلك المقدمة المخيفة نوعا ما سوف نتحدث عن مايعرف بالدورات الاقتصادية، ونتيقن أن لا قاع (كساد) دائم ولا بلوغ للقمة سوف يستمر, ومثلما بالحياة يحدث تعاقب الفصول الأربعة الشتاء والصيف والربيع والخريف, كل فصل يأتي في وقت معين وله خصائص معينة, كذلك الحال بالنسبة للاقتصاد لكن دون تحديد ثابت لتلك الأوقات الغير محددة زمنيا وتسمي بالدورات الاقتصادية التي تقضي بان الاقتصاد ليس بحالة ازدهار متواصلة ولا بحالة ركود متواصلة.
تثير كلمة المواسم والفصول في أدمغتنا صورة تعاقب فصول السنة وبالمقابل لا نعتبر الدورة الاقتصادية من الظواهر المنتظمة بالتوقيت الثابت كما فصول السنة ولو كان هناك أي نوع من النظام لكان من السهل للغاية التنبؤ بموعد الانتعاش أو الركود الاقتصادي القادمين. هذه ويعتقد الخبراء الاقتصاديون أن فترات الركود الاقتصادي أو الازدهار الاقتصادي هي عدد من الاضطرابات الدورية العشوائية في اتجاه الاقتصاد نحو النمو الاقتصادي المستمر الطويل الأجل.
وبما أن الشي بالشيء يذكر هنا قاعدة متعارف عليها من الناحية الاقتصادية ترى أن أفضل فترات الاستثمار هي فترة الازدهار وأسوأ فترة للاستثمار هي فترة الذروة, كما من المفيد التوضيح بأن الأنشطة الاقتصادية تمر بمراحل تتأرجح ما بين الازدهار والكساد حيث تعرف بالدورة الاقتصادية Business Cycle كما يطلق عليها أيضا مسمى دورة الازدهار والكساد, حيث تتكون الدورة الاقتصادية من 4 مراحل رئيسية : -
1. النمو Expansion: يطلق عليها الازدهار تتميز هذه المرحلة بالازدهار والتوسع الاقتصادي وبالتالي يرتفع التوظيف وتسجل المؤشرات الاقتصادية قراءات إيجابية ويستمر النشاط الاقتصادي في النمو المتوازن تمهيدا للصعود للقمة.
2. القمة Peak: يطلق عليها الذروة في هذه المرحلة يصل النمو الاقتصادي إلى ذروته ويشهد الاقتصاد ارتفاع في الأسعار وحجم الإنتاج ويكون النشاط الاقتصادي في أفضل أحواله ومستويات التوظيف عاليه وتعتبر هذه المرحلة هي نقطة تحولية حيث ينتقل بعدها الاقتصاد من الصعود إلى الهبوط.
3. التراجع Recession: هذه المرحلة يبدأ بالظهور تراجع الأسعار والإنتاج وبالتالي ارتفاع معدلات البطالة والأنشطة الاقتصادية تتدخل حيز الانكماش وتسجل معظم المؤشرات الاقتصادية قراءات سلبية تمهيدا للنزول إلى القاع.
4. القاع Trough: يطلق عليها الحضيض في هذه المرحلة يصل النمو الاقتصادي إلى أدنى مستوياته ويشهد انخفاضات حاده في الأسعار وحجم الإنتاج وارتفاع في معدل البطالة, وتعتبر هذه المرحلة بمثابة نقطة تحولية إذا ينتقل بعدها الاقتصاد من الهبوط إلى الصعود .
وبغض النظر عن جدلية هل تلك الدورات تعد من حتميات اقتصاد السوق أو لا, يظل من المفيد – هنا – الإشارة إلى مدى فاعليه ما يعرف بمضاد الدورة الاقتصادية، ولمزيد من التوضيح فأن ما يعرف بالسياسة الاقتصادية المضادة للدورة لا تؤثر بالضرورة في النشاط الاقتصادي إلا بعد مرور فترة زمنية علي تطبقيها أي بعد تغير الظروف الاقتصادية التي تم تصور التغير على أساسها, هذه ومن وجهة نظري الشخصية يمكن القول بأن " الكينزيون " قد قدموا مفهوم السياسة الإقتصادية المضادة للدورة بشكل لا غبار عليه خاصة ما يعرف بالتدابير التحفيزية وذلك في حال تباطؤ معدل النمو, لكن تبقى هذه التدابير غير قادرة على تحقيق الاستقرار بالنمو بالشكل المنشود خاصة داخل اقتصاد متعدد الأقطاب والأنشطة الاقتصادية المختلفة فيه.
حيث يتوسع البعض منها, فيما يتراجع بعضها الآخر وعليه لا يمكن أن يتأثر المستوى العام للنشاط الاقتصادي إلا بشكل محدود أو منعدم بوجود تقلبات دورية والتي قد تطول مختلف جوانب التنمية منفردة كانت أو مجتمعه بمختلف جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والاستراتيجية والسياسية والتربوية والتعليمية والثقافية والفكرية والصحية, ولذلك جرى التنوية مع خالص التقدير الى " الكينزيون " ونظرياتهم الإقتصادية التى لا يمكن أن تكون قوالب جاهزة لكل إقتصاديات العالم .
ختاما ,, وحتي أكون أكثر شفافيه ووضوح كاتبة هذه السطور الماثلة بين اياديكم الكريمة ليست من أنصار " الكينزيون " بل من أنصار وتلاميذ المدرسة الاقتصادية القديمةِ " الكلاسيكية " التي أنتمي إليها بالفكر الاقتصادي وغيره , لأنني أثق بالقديم أكثر من ثقتي بكل ماهو جديد ولست بذلك ضد التطور والعصرية لكنني امرأة كلاسيكية حتي النخاع بكل أحوالي وأرائي .
خاص_الفابيتا
شكرا مقال مميز ومفيد