هل «إيفرجراند» الصينية مخاطرة عامة؟

28/09/2021 3
فواز حمد الفواز

شركة إيفرجراند الصينية للتطوير العقاري تعاني تحديات مالية تصل إلى حد الإفلاس، خاصة أن ديونها تصل إلى ما يعادل نحو 300 مليار دولار "منها 20 مليارا بالدولار فقط". شركة إيفرجراند للتطوير العقاري الصينية مهمة من ناحيتين، الأولى أن تجربة أمريكا مع التمويل العقاري الذي كان له دور أساسي في الأزمة المالية العالمية أصبحت نموذجا لما يمكن أن تؤول إليه الحالة المالية في الصين مع ارتفاع القروض، والأخرى أهمية المخاطر العامة لأنه كما أثبتت تجربة أمريكا أن الصين أصبحت بالحجم والأهمية في المخاطر النابعة من التشابك المالي عالميا وبالتالي انتقال العدوى، خاصة أن الديون عالميا في مستوى أعلى من الأزمة المالية السابقة في 2008، لذلك جاء تفاعل الأسواق الرئيسة في العالم عنيفا كما رأينا الأسبوع الماضي.

بدأت الشركة في 1996 كمنتج للمياه المعلبة إلى أن توسعت في التطوير العقاري في 250 مدينة صينية مع التوسع في الاقتصاد وتكوين طبقة وسطى قادرة، كذلك تنوعت استثماراتها، فمثلا هناك شركة تابعة لصناعة السيارات الكهربائية، وتملك أهم نادي قدم للمحترفين. مصدر الأزمة بدأ من مراجعة الحكومة الصينية لبعض الأعمال مثل التعليم الخاص وبعض الطروحات الصينية في الأسواق الغربية والتوجس من نمو الديون، خاصة أن الطلب على المنازل لم يعد عاليا مع ارتفاع الأسعار. النتيجة أن الشركة لديها نحو 800 بناية لم تكتمل، ونحو مليون منزل دفع الناس جزءا من التكلفة ولم تكتمل، إضافة إلى موردين لم يحصلوا على حقوقهم. شبح الإفلاس خفض أسهم الشركة وانخفضت حصة مؤسسها وأكبر مالك لها من ثروة تقدر بنحو 42 مليار دولار إلى نحو 7.3 مليار الأسبوع الماضي. هناك خوف مبرر من محاولة الحكومة الصينية للتدخل في إدارة الشركات الخاصة من ناحية والنمو الاقتصادي من ناحية أخرى، خاصة أن التفوق الصيني هو أحد أبرز سمات العصر، ولذلك هناك اهتمام عالمي لما يحدث في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

لا بد أيضا من النظر للموضوع من زاوية المنافسة الأمريكية للصين، خاصة في جانب التغطية الإعلامية. إذ يبدو أن هناك مبالغة في التعامل مع الموضوع، فمثلا تقول الشركة، إنه تم الاتفاق على دفعة "ما يعادل 83 مليون دولار" تسديد سند التي حلت الخميس الماضي ولم تسدد ولم يصدر عن الشركة توضيح، لكن للشركة مدة شهر من الخميس للتسديد قبل إعلانها عاجزة عن التسديد وبالتالي احتمال الإفلاس. المقارنة بليمان برذرز تبدو مبالغة، فهي مثلا تذكر مؤسسة S &P للتقييم والتصنيف المالي "لا يبدو مركز إيفرجراند المالي أنه ممثل لحالة شركات التطوير العقاري الصينية، إذ إن ديونها ارتفعت بنسبة أعلى من القطاع، كما أن هامش الربح أقل من القطاع". كما ذكر محللو بنك باركليز "لا نعتقد أن نموذج عمل قطاع التطوير العقاري في حالة عامة سيئة، ولكن الشركة في وضع أسوأ من القطاع من حيث حجم القروض النسبي والسيولة والربحية". لذلك من الواضح أن هناك مبالغة في المقارنة بأزمة أمريكا قبل 13 عاما أو أزمة الدول الآسيوية في نهاية التسعينيات من القرن الماضي، ولكن تبقى هناك مخاطرة من عدوى الانتقال من مخاطر مالية إلى الاقتصاد الحقيقي، بسبب ترابط الديون وتشابك المراكز المالية وردود فعل المستثمرين حتى الشكوك في دور الجهات الرقابية والتنظيمية.

لا بد من تأثير ومراجعة الملاءة المالية لبعض شركات التطوير العقاري، خاصة أن لها دورا مؤثرا في مستوى حكومات المقاطعات والمدن الصينية حتى مستوى القروض الشخصية للأفراد وسلامة القطاع المصرفي. يقابل ذلك حيوية المنظومة الإدارية والسياسية في الصين. قام البنك المركزي الصيني بضخ سيولة لطمأنة الوسط المالي. كذلك يبدو أن التعرض المالي لمؤسسات مالية خارج الصين محدود، ولذلك يبدو أن الإشكالية محصورة في الصين، كما من اللافت عدم إعلان الحكومة الصينية أي تعليق رسمي على الأقل حتى نهاية الجمعة، البعض يرى أنها ربما تكون علامة جيدة على اقتصاد السوق بما في ذلك فرصة الإفلاس والهيكلة والمنافسة. بل إن البعض يرى أنها فرصة لشراء أسهم بعض الشركات التي انخفضت بسبب الخوف العام.

 

نقلا عن الاقتصادية