تدخل المملكة العربية السعودية عقدها العاشر بقوة واقتدار، فمنذ أن توحدت على يد المغفور له الملك عبدالعزيز رحمه الله وهي تعزز من رسوخها كقوة عربية وإسلامية ودولية، حتى وصلت إلى مكانتها العالمية الكبيرة وتحظى بوزن إقليمي ودولي واسع ومؤثر يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في العالم على كافة الأصعدة، فاليوم الوطني الذي تحل ذكراه في 23 سبتمبر من كل عام يمثل دائماً التجدد المسير نحو المستقبل المعاصر القائم على التنمية المستدامة ومواكبة عصر التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي، فعالم اليوم بات أكثر صعوبة في التنافسية ومن لا يقرأ المستقبل لا يمكن أن يكون له مكانة فيه وهذا ما عملت المملكة عليه بتوجيه من قياداتها على مر الأعوام الـ91 الماضية من استثمار الإمكانات بالثروات البشرية والطبيعية لتحقيق أهداف عديدة من حيث تنمية القدرات البشرية بالمجتمع والاستدامة بالتنمية وتعزيز الرفاه الاجتماعي.
فاليوم تدخل المملكة عصرها التنموي الجديد من خلال رؤية 2030 م التي اعتمدت قبل خمسة أعوام حيث حققت مستهدفات المرحلة الزمنية الأولى لها حتى تاريخنا الحالي في ظل قيادة رشيدة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله، فقد أطلقت العديد من البرامج التي تمثل ركيزة أساسية للوصول لأهداف الرؤية كبرنامج التحول الوطني وبرنامج تنمية القدرات البشرية وإستراتيجية صندوق الاستثمارات العامة والتأسيس لانطلاقة العديد من القطاعات التي تعد جديدة نسبياً بالاقتصاد الوطني كالسياحة والترفيه والاستثمار في قطاع التعدين وبرامج تطوير الصناعات الوطنية مثل ندلب وأيضا برنامج رفع مساهمة المحتوى المحلي والاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية بالاضافة لمشاريع عملاقة كمدينة نيوم ومشروع البحر الأحمر والقدية والرياض الخضراء والعديد من المشاريع التنموية بكافة مناطق ومدن المملكة.
وقد أثبتت حكومة المملكة كفاءتها من خلال التعامل مع الأزمات العالمية الكبرى فبعد أن اعتمدت الإصلاحات الاقتصادية التي عززت الاستدامة المالية بالسنوات الخمس الماضية كان اختبار التعامل مع جائحة كورونا التي عصفت بالاقتصاد العالمي واعتبرت أكبر وأخطر أزمة واجهها العالم كونها متشعبة حيث بدأت صحية وانتقلت سريعا لتضرب الاقتصاد العالمي وتحيله لركود ضخم هبطت معه أسعار النفط لأرقام متدنية جدا قبل حوالي عام ونصف العام إلى ما دون العشرين دولاراً للبرميل لخام برنت القياسي ولم يكن معلوماً مآلات هذه الأزمة لكن تم التعامل معها بتغطية واستيعاب لأغلب تداعياتها على المجتمع والاقتصاد الوطني مما يوضح مدى جاهزية وخبرة الجهاز الحكومي للتعامل مع الأزمات واتضح مدى أهمية ما تم استثماره بالبنية التحتية خصوصا الرقمية التي سهلت التعامل مع الأزمة بتجارب غير مسبوقة عالمياً من حيث حجمها كالتعليم عن بعد لكافة المراحل الدراسية ولحوالي 7 ملايين طالب وطالبة بالتعليم العام والجامعي مع تقديم مبادرات دعمت الاقتصاد فاقت نكلفتها 220 مليار ريال بالإضافة لاعتماد ميزانية إضافية للصحة بحوالي 47 مليار ريال وتيسر ذلك نظراً لخطط المملكة السابقة بتعزيز ملاءتها المالية باحتياطيات ضخمة تغطي الواردات لحوالي 40 شهراً مما يفوق المتوسط العالمي بسبعة أضعاف وقد أثمرت هذه الخطط عن تمكين الاقتصاد والقطاع الخاص من تجاوز تداعيات الأزمة بنسبة كبيرة قياسا بالضرر الذي لحق بدول العالم وقادت المملكة مجموعة العشرين كونها كانت ترأس دورتها للعام 2020 م لأخذ قرارات دعمت عودة النمو للاقتصاد العالمي بضخ 11 تريليون دولار من كافة دول المجموعة في اقتصادياتها إضافة لتحرك المملكة لقيادة منتجي النفط من داخل أوبك وخارجها لأكبر وأهم اتفاق بتاريخ صناعة النفط أعاد التوازن للسوق النفطية وارتفعت الأسعار بأكثر من ثلاثة أضعاف لتستقر حاليا قرابة 75 دولارا للبرميل.
للمملكة يوم عظيم في تاريخها تحتفل به كل عام ويستذكر المجتمع السعودي ما تحقق خلال العقود التسعة الماضية وما وصلت له في حاضرنا وما تهدف له من مستقبل زاهر في وطن طموح في ظل قيادة توظف كل الإمكانات لتحقيق الأهداف السامية للرؤية التنموية الاستراتيجية واستدامة التنمية وتعزيز قدرات الفرد لأنه رأس المال الحقيقي لنهضة الاقتصاد الوطني.
نقلا عن الجزيرة