أطلقت مؤخراً هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، مشروع الفوترة الإلكترونية «فاتورة»، والذي يُعد أحد أهم مشاريع الأتمتة والرقمنة الوطنية الطموحة التي تقودها الهيئة تحت مظلة رؤية المملكة 2030.
تتكون الفوترة الإلكترونية من منظومة إلكترونية للفوترة، تَهدف إلى تحويل عملية إصدار الفواتير والإشعارات الورقية إلى عملية إلكترونية، بحيث تتيح تبادل الفواتير والإشعارات المدينة والدائنة ومعالجتها بصيغة إلكترونية منظمة بين البائع والمشتري بتنسيق إلكتروني متكامل.
أما بالنسبة للفاتورة الإلكترونية، فهي التي يتم إصدارها وحفظها بصيغة إلكترونية منظمة عبر نظام إلكتروني يحتوي على متطلبات الفاتورة الضريبية، وبالتالي لا تعتبر الفاتورة المكتوبة بخط اليد أو المصورة بماسح ضوئي فاتورة إلكترونية. وهناك نوعان من الفواتير الضريبية، الأولى الفاتورة الضريبية، والثانية الفاتورة الضريبية المبسطة.
الفاتورة الضريبية، هي الفاتورة التي يتم إصدارها غالبًا من منشأة إلى منشأة أخرى، محتوية على جميع عناصر الفاتورة الضريبية، في حين أن الفاتورة الضريبية المبسطة، هي التي يتم إصدارها غالبًا من منشأة إلى فرد، بحيث تكون محتوية على العناصر الرئيسة للفاتورة الضريبية المبسطة.
جدير بالذكر أنه سيتم تطبيق الفوترة الإلكترونية على مرحلتين، المرحلة الأولى: «مرحلة الإصدار» والتي سيبدأ تطبيقها من 4 ديسمبر 2021 لكل المكلفين المسجلين في ضريبة القيمة المضافة (باستثناء المكلفين غير المقيمين في المملكة) ومن ينيب عن المكلف بإصدار الفاتورة. وهذه المرحلة تتطلب فقط إصدار وحفظ الفواتير الضريبية والإشعارات المدينة والدائنة المرتبطة بها بطريقة إلكترونية. أما بالنسبة للمرحلة الثانية، والتي ستنفذ بشكل تدريجي ومرحلي إبتداءً من شهر يناير 2023 ستعمل على ترسيخ التكامل بين الأنظمة الإلكترونية للمكلفين وبين أنظمة هيئة الزكاة والضريبة والجمارك.
لعل البعض يتساءل عن الأهمية المالية والاقتصادية، بما في ذلك التجارية للفاتورة الإلكترونية، سواء كان ذلك على مستوى الاقتصاد الكلي أم على مستوى المنشأة التجارية. وللإجابة على هذا التساؤل ببساطة، أنها تَحد من انتشار ظاهرة التستر التجاري وتساهم كذلك في القضاء على الاقتصاد الخفي. كما أنها تعود بمنفعة عظيمة على المنشأة من خلال مساعدتها على الضبط المالي والمحاسبي للعمليات المالية بعيداً عن استخدام الورق، مما سيساهم في رفع الكفاءة الإنتاجية للمنشأة وخفض تكاليفها التشغيلية، وبالذات للمنشآت الصغيرة والمتوسطة.
ويُعول على تطبيق الفاتورة الإلكترونية، المساهمة في توفير بيئة تنافسية عادلة وجاذبة ومحفزة للنمو والازدهار الاقتصادي، وبالذات وأن الفاتورة الإلكترونية ستساهم بشكل مباشر في القضاء على ظاهرة التستر التجاري، التي ظلت تُعاني منها المملكة العربية السعودية لأكثر من سبعة عقود من الزمن، إذ يتراوح حجم التستر التجاري في المملكة ما بين 300 - 400 مليار ريال سنوياً.
أخيراً وليس آخراً، ستساهم الفاتورة الإلكترونية في تسهيل مهمة حصول المنشآت على التمويل المصرفي والائتماني اللازم، نظراً لكونها تضمن توفير قوائم مالية دقيقة.
وبرأيي أيضاً أن هناك منافع بيئية كبيرة للفواتير الإلكترونية، حيث إنها تسهم بشكل كبير في التقليل من استخدام الطريقة التقليدية في إصدار الفواتير التي تعتمد بشكل كبير على الورق، والتي تتسبب في حدوث أضرار كبيرة للبيئة، سواء كان ذلك بسبب الطريقة التي يتم بواسطتها تصنيع الورق أم الطريقة التي يتم من خلالها إتلافه والتخلص منه كنفايات.
دون أدنى شك، إن حرص هيئة الزكاة والضريبة والجمارك على أتمتة الفوترة بإطلاقها لمشروعها الطموح، سيساهم في الدفع قدماً للتوجه الوطني نحو الرقمنة، سيما وأن للهيئة تاريخ وباع طويل في تبني تنفيذ مشاريع رقمية متعددة خلال السنوات الماضية، حيث تجاوزت الخدمات الإلكترونية بالهيئة أكثر من 100 خدمة، ما أهلها للحصول على الفئة البلاتينية لمؤشر النضج الإلكتروني بين الجهات الحكومية في المملكة، الذي يصدره برنامج التعاملات الإلكترونية الحكومية (يسر).
نقلا عن الرياض
التستر التجاري سبب رئيسي لغسيل الأموال والغش وتقليد المنتجات وتدني مستوى الخدمة والتهرب الضريبي وسبب رئيسي للبطالة بين السعوديين، والفاتورة الإلكترونية حل جزئي ولا يتم القضاء على جريمة التستر التجاري فعليا إلا بالتوطين وضبط التحويل المالي الخارجي.