أذكر كأحلام الكرى رواية قرأتها أوائل المراهقة كان اسمها (فتاة اليابان)، صادرة عن روايات الهلال، تحكي بأسلوب سردي جميل قصة فتاة يابانية قبل الزواج وبعده، فتاة رشيقة أنيقة مُحافظة، تعشق الشعر العاطفي، وتقدس حياة العائلة، وزاد التقديس حين تزوجت من شاب ياباني يعشق العمل ويقضي فيه ساعات طويلة فلا يعود إلى البيت إلا وهو في غاية الإرهاق، كانت تستقبله عند الباب بابتسام وحب وحنان ومعها كأس من العصير اللذيذ، ثم تخلع عنه ملابس العمل وتجفف عرقه بمناديل معطرة وقد ملأت له حوض السباحة الصغير ووضعت في الماء بعض الأعشاب المنعشة والعطور، وتجلس كالحورية على حافة الحوض باسمة، تداعب شعره وتدلك جسمه بفرشة ناعمة وتلقي عليه طرائف تجعله يبتسم وهو يسبح، فإذا خرج من الماء وجدها مستعدة بالمناشف الثمينة تمر بها على جسده من الرأس إلى القدم، ثم تجعله يسترخي على السرير وتقوم بتدليك أعضائه بأنامل ورعة مع بعض الزيوت المرطبة، وإن هي إلا دقائق فيعود نشيطًا كالحصان كأنْ لم يذهب للعمل ولم يكابد المشاق، هنا تقدم له وجبة خفيفة لذيذة وتنظر له وهو يأكل نظر العاشقة، بعدها بقليل تُمضي معه ساعة من الحب والهيام، ثم تخرج بقميص الحرير وهي تسير للخلف وتقابله بابتسامة حب وامتنان، وتأتي له بأشهى الأطباق، ثم يخرجان معاً في أناقة الصِّبا وغاية النشاط، ويقضيان أوقاتًا سعيدة في مسرحية أو مقهى أو سينما أو حدائق الزهور، يغيران مكان النزهة كل يوم، أماكن تختارها الشابة في وقت مبكر بعد متابعة لأفضل المتنزهات والعروض وأماكن الترفيه، فإذا عادا جلست بين يديه ودلكت قدميه وهي مقبلة عليه بابتسامة حب رقيقة.. إلى آخر الأوصاف التي أسبغها المؤلف الياباني على اللمسات الساحرة لهذه الشابة الجميلة، وأجاد المترجم في نقلها.
القصة كما أتذكرها بعد طول السنين رسّخت لديّ انطباعًا عن الدور السعيد الذي يقوم به الرجل والمرأة في الحياة الزوجية المثالية، الرجل يعمل بجد وإخلاص، والمرأة توفر له الراحة الكاملة والسعادة في البيت، تنسيه التعب وتدفعه إلى مزيد من النجاح.
ثم قرأت أن الزوجة اليابانية أفضل زوجة في العالم، تسعد الرجل وتنسيه هموم الدنيا ومتاعب العمل، هنا يتحقق للجميع الثلاثي الصعب الاجتماع: الصحة والمال وراحة البال.
لا أدري أهذا التقرير عن المرأة اليابانية صحيح أم فيه مبالغة، الذي أدري به أن العصر الحديث بكثرة مطالبه وشدة تنافسه يكاد يقضي على تلك الصورة المثالية للزواج السعيد ويُلغي ذلك الدور الفطري الجميل للمرأة.
المشكلة في هذا الجو المثالي أنّ المرأة قد لا تنعم بالحرية المالية وهي أساس، خاصة إذا كان زوجها متقلب المزاج، وتحس أنه قد يُقدم على الزواج، هنا يكون عمل المرأة صمام أمان بإذن الله، ولن يمنع المرأة الموهوبة من امتلاك قلب زوجها بالحب والحنان، خاصةً إذا أجادت تنظيم وقتها، وامتاز زوجها بتقدير ظروفها، هنا يعيش الزوجان حياةً سعيدة يسودها الحب والتفاهم والاحترام. الخلاصة: إن السعادة في البيت أهم شيء، فمن لا يجد السعادة في بيته، رجلاً كان أو امرأة، لن يجدها في مكان آخر.
نقلا عن الرياض
لو حصلت على هذه الزوجة تركت سوق الاسهم