مما لا شك فيه أن سنة 2020 كانت عاماً غير مسبوق فعلاً، إذ كشف الانتشار السريع لجائحة كوفيد-19 التي كابدناها جميعاً حول العالم وفي المملكة العربية السعودية، عن تحديات متعددة تواجه الاقتصاد حالياً. وقد أكدت الجائحة حقيقة مهمة, وهي أن تنويع الاقتصاد السعودي, بعيداً عن الاعتماد على موارد النفط والغاز، أولوية ستحدد ملامح مستقبل المملكة.
في ظل هذا الواقع المعقد، نؤمن إيماناً راسخاً في “جدا” بأن الشركات الصغيرة والمتوسطة ستؤدي دوراً محورياً في التحولات التي سيشهدها العقد المقبل. لذا ومنذ اليوم الأول، تمثلت أولوية ومهمة “جدا" الرئيسية في دعم القطاع الخاص المتنامي، خصوصاً الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة بهدف زيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة إلى 35% بحلول عام 2030، تماشياً مع رؤية 2030. وأنشأ صندوق الاستثمارات العامة شركة صندوق الصناديق “جدا” في ديسمبر 2019 باستثمارات رأسمالية تبلغ قيمتها 4 مليارات ريال سعودي (1.07 مليار دولار أمريكي) لتحفيز الاستثمارات في الشركات الصغيرة والمتوسطة وتوفير فرص عمل جديدة.
وتحولت “جدا” خلال السنة الماضية إلى بوابة للمستثمرين في الشركات الصغيرة والمتوسطة في المملكة، ومحرك أساسي للتنمية، إذ تضع على عاتقها تحفيز نمو كبير في قطاع رأس المال الجريء والملكية الخاصة في السعودية.
نحن في “جدا” نحقق هذه الرؤية عن طريق حشد الصناديق الطموحة لضمان الدعم الاستراتيجي والمالي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية والمساهمة في تحقيقها بشكل مستدام وطويل الأمد. وتشمل الأمثلة الأهم لأنشطتنا استثمارنا مؤخراً في صندوق "ميراك المالية" لاستثمارات التقنية، والذي يهدف إلى دعم الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا خلال المراحل المبكرة، واستثمارنا في صندوق "ألفا المالية" السعودي للملكية الخاصة، دعماً للشركات الصغيرة والمتوسطة في مجال الأغذية والمشروبات، بالإضافة إلى إلتزاماتنا تجاه صندوق "بداية" التابع لصندوق "شروق"، و"رائد فنتشرز" و"هلا فنتشرز" لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة ذات الإمكانيات التحويلية العالية. وتعكس تلك الأمثلة رؤيتنا للمستقبل وإيماننا بالفرص الهائلة التي تمتلكها المملكة.
منذ عام 2019، التزمنا بتوفير إلتزامات بأكثر من 1.14 مليار ريال سعودي (304 مليون دولار أمريكي) ستذهب لصالح الشركات الصغيرة والمتوسطة المناسبة في وقت هي بأمس الحاجة لهذه التمويلات، وخصصت “جدا” حتى عام 2020 1.4 مليار ريال سعودي (304 مليون دولار أمريكي) لأكثر من 253 شركة قائمة، مما أثمر عن خلق 3,372 فرصة عمل في المملكة العربية السعودية.
كما نظمنا دورات تدريبية لمجموعتين من أصحاب المصلحة في قطاع رأس المال الجريء والملكية الخاصة جذبت 90 مشاركاً، واستضفنا خمسة لقاءات، بهدف فتح الفرص الهائلة للسوق السعودية أمام الصناديق المحلية والدولية. يمكن لتلك الصناديق التحول إلى قوة دافعة رئيسية تسهم في تحقيق مبادئ رؤية المملكة 2030, وتسترشد إنجازاتنا دوماً بأهدافنا لتنويع الاقتصاد السعودي، وتحفيز الفرص في قطاع رأس المال الجريء والملكية الخاصة ورعاية نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة.
بالإضافة إلى نشاطها الاستثماري الأساسي تعاونت “جدا” مع الهيئات التنظيمية السعودية مثل هيئة السوق المالية ووزارة الاستثمار، لتحديد وتجاوز العقبات التي تعرقل تسريع نمو قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة في البلاد.
ونتيجة لجهودنا في ذلك المجال، شهدنا نمواً كبيراً لتدفق استثمارات رأس المال الجريء إلى الشركات الناشئة السعودية. وخلال عام 2020، ورغم التحديات الصعبة، شهدنا ارتفاعاً ملحوظاً في استثمارات رأس المال الجريء، لتتجاوز 570 مليون ريال سعودي (152 مليون دولار أمريكي) استُثمرت في 88 شركة ناشئة مقرها السعودية، ما يمثل نمواً سنوياً مذهلاً بنسبة 55 بالمئة في حجم التمويل المخصص للقطاع خلال العام.
ولم تقتصر جهود “جدا” على استثمار مبالغ ضخمة من رأس المال، بل حافظنا دوماً على التزامنا بأعلى المعايير الأخلاقية التي تحكم كل خطواتنا. ويعني ذلك عقد مباحثات لضمان تطبيق أفضل الممارسات لتطوير القطاع ووضع المعايير المناسبة للمستثمرين الآخرين، ويعد ذلك أمراً بالغ الأهمية لأن “جدا” مكلّفة بالاستثمار في فئة جديدة من الأصول ضمن منظومة لا زالت قيد التطوير.
لذا يشكل اختيار الكيانات التي نعقد شراكات معها عاملاً أساسياً بالنسبة لنا. فالمخاطر كبيرة، وقد يعتمد مستقبل اقتصادنا على نجاح أعمالنا. وعندما يُقدم عرض استثماري إلينا نطبّق إجراءات صارمة ودقيقة. ونتبع ثلاثة مبادئ أساسية عند بحث الاستثمار في شركة ما من عدمه هي: تقييم فريق عمل الشركة واستراتيجيتها وهيكليتها وإنجازاتها السابقة.
ومع تقدمنا نحو النصف الثاني من عام 2021، نحرص على البحث بعمق ومعالجة التحديات المتبقية التي يجب على السعودية مواجهتها لإطلاق إمكاناتها الاقتصادية بالكامل. لذا ستستمر “جدا” في دعم الصناديق التي تختار المشاريع الواعدة الأفضل.
وفي المدى المنظور، نصمم على الحفاظ على المستوى العالي لأدائنا ومعاييرنا الأخلاقية مع سعينا لاستثمارات جديدة في السنوات المقبلة.