رقّة المرأة هي النبع الذي يذوب فيه عناد الرجل

06/07/2021 1
عبدالله الجعيثن

أحياناً يعاند الرجل زوجته ويبدو رأسه كالصخرة، المرأة التي تقابل هذا بالعناد كالتي تضرب حجرًا بحجر فلا تحقق ما تريد، ولا تستفيد إلا المزيد من عناد الزوج وإثارة غضبه، وإحساسه بأنها ثقيلة وبيلة تُنكّد عليه حياته وتعمل على كسر كرامته وقهر إرادته.

أما المرأة التي تقابل هذا العناد بالرقة والحب والحنان فإنها تحصل على ما تريد، وتريح أعصاب الرجل، وتوفر له كرامته، وتجعله يطيعها وهو سعيد..

رقة المرأة وحنانها وأنوثتها هي النبع الجميل الذي يخف فيه رأس الرجل كما تخف الصخرة في عمق النبع، ويذوب عناده ذوبان الملح بل السُكّر في الماء، ويحس بالرضا والامتنان والشكر لهذه المخلوقة الرقيقة الوديعة التي غمرته بالحنان وأبهحته بالابتسام وحققت رجولته برجائها الأنثوي الناعم المُقدّم على طبق مُذهّب مُزين بالود والورد والحنان..

أما التي تقابل إصرار الرجل بإصرار وصراخه بصراخ وعناده بعناد أشد فإنها تملأ قلبه بالحقد وعقله بالكره وأعصابه بالتوتر الشديد يحس أنها تريد أن تسقيه السم عن عمد!

الموافقة هي عنوان الحب، والمخالفة هي عنوان الكره، في كثير من الأحيان، وحسن التوقيت والأسلوب في الطلب والحوار هو الأساس، ما أبعد الفرق بين الطلب وقت الرضا والانشراح والطلب وقت سوء المزاج وتوتّر الأعصاب، فالعناد لا يأتي مصادفة لكنه نتيجة لتجارب طويلة ولمشاعر حبيسة هي خليط من الإحساس بالنفور والاستغلال والاضطهاد وإن لم يصرّح الرجل بتلك المشاعر حفاظاً على كبريائه، فالرجل المعاند على طول يعبر عن غضب مكبوت، ويريد الانتقام بالعناد لأنه اعتاد من هذه المرأة أن تضع رأسها برأسه وتختار أسوأ أوقاته، وتحطم صخرته، وإذا كثر النطاح بين صخرتين تهدّم البيت كله.

خذي العفو مني تستديمي مودتي ولا تنطقي في سورتي حين أغضبُ

وللحق فإن المرأة أحرص على سعادة حياتها الزوجية ودوام العشرة الطيبة، هذا هو الغالب، ولكن كثيراً من الرجال قد يثيرون أعصاب زوجاتهم بطرق غير مقصودة مثل الصمت الرهيب والوجوم بسبب مشكلات في العمل لا يفصحون عنها، أو أن طبيعة بعضهم البخل وهو من أسوأ الصفات التي تبغضها المرأة في الرجل، وقد يثير الرجل أعصاب زوجته بشكل مقصود إما عن إحساس بنقص فيه أو باعتقاد واهم أن الرجولة تعني الشدة والسيطرة والتجهم كما يظن بعض الأزواج، وهذا ظن مدمر للعلاقة الزوجية، حتى لو كان صاحبه كريمًا بالمال، فالاحترام أهم من المال، ومقولة المثل الشعبي (اكرب وجهك وارخ يديك) خاطئة تماماً، لأنه لا سعادة مع التكشير والتقطيب، والمرأة حساسة جداً للغة الجسد ونبرة الصوت وتقرأ تعابير الوجه بدقة، فهذا النوع من الرجال قلما تستطيع المرأة أن تكون رقيقة معه وهو على تلك الحال التي لا توحي بخير ، فهذا النوع قد يكون غير سوي في طبعه.. وإنما نتحدث عن الرجل السوي الذي يحترم زوجته ويهتم بها، فقد يمر به ظروف ومواقف يعاند فيها زوجته ويركب رأسه ويصر على رأيه، فهنا

لا تضم التي تشتري للغا دايمٍ هرجها بالكلام الزري

مهما كانت المرأة قوية الشخصية فينبغي أن توظف قوتها لسعادتها وسعادته فتكون تلك القوة له لا عليه، فتشعره بحبها وأنوثتها ومطاوعتها وتغليف مطالبتها برجاء الوالهة المحبة ورقة الأنثى، فالأنوثة كالماء أرق الأشياء وأقواها، هنا تشعر الرجل برجولته وترفع كرامته في الأعالي فيحقق ما تريد وهو راضٍ بل مزهو سعيد!

لا يوجد أسوأ من العناد المستمر الشديد ولا أقدر منه على هدم البيوت والعلاقات والصداقات، سواء كان العناد من الرجل أو من المرأة

يقول الشاعر القديم:

خذي العفو مني تستديمي مودتي

ولا تنطقي في سورتي حين أغضبُ

فإني وجدت الحب في الصدر والأذى

إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهبُ

ويقول حميدان الشويعر:

لا تضم التي تشتري للغا

دايمٍ هرجها بالكلام الزري

ومن الشعر المشهور:

أفاطمُ قبل بينك متعيني

ومنعك ما سألتك أن تبيني

فإني لو تعاندني شمالي

عنادك ما وصلت بها يميني

إذن لقطعتها ولقلت بيني

كذلك اجتوي من يجتويني

واجتوي معناها أُبغض.

والعناد بين الزوجين هو البريد الممتاز الذي يضمن وصول البغض! كفانا الله وإياكم شره، البغض سم..

 

نقلا عن الرياض