من أهم نظريات القيادة Leadership وممارساتها، نظرية الرجل العظيم Great Man theory وتسمى أيضا نظرية السمات The Trait theory وتبني افتراضها على أن القادة الجيدين يولدون ولديهم سمات ومهارات فطرية تجعلهم مميزين، وهذه السمات لا يمكن تعليمها أو تعلمها. ولهذا فبحسب هذه النظرية، فإن القادة يستحقون أن يكونوا في مناصبهم بسبب سماتهم الخاصة. بدأت فكرة النظرية منذ القرن الـ 19 على يد الكاتب الاستكلندي توماس كارليل Thomas Carlyle، وتعتمد على أنه يمكن تفسير التاريخ إلى حد كبير بسبب تأثير الرجال العظماء، أو الأبطال، وهم أفراد مؤثرون للغاية، إما بسبب الكاريزما، أو الذكاء، أو الحكمة، أو روح المبادرة، أو الثقة بالنفس، أو البصيرة، أو الحس الاجتماعي ومهارات الاتصال الفعال، أو استخدام المهارة السياسية في توظيف النفوذ بطريقة أثرت في مجرى التاريخ. إذا فإن معيار وجود القيادة الناجحة هنا يعتمد على المواهب الفطرية التي يمتلكها القائد، حيث يستطيع القائد من خلال شخصيته المؤثرة، استمالة المرؤوسين حينما يكونون مستعدين لقبول التغيير.
في عام 1860 قدم هربرت سبنسر Herbert Spencer حجة مضادة ظلت مؤثرة في جميع حقب القرن الـ 20 إلى الوقت الحاضر، وقال سبنسر: إن من هم مثل هذا الرجل العظيم هم نتاج مجتمعاتهم، وإن أفعالهم لم تكن لتحدث دون الظروف الاجتماعية قبل حياتهم. وعارض الفيلسوف والعالم النفسي ويليام جيمس William James ما جاء به سبنسر، حيث يؤكد في دفاعه عن نظرية الرجل العظيم أن الطبيعة الفسيولوجية الفريدة للفرد هي العامل الحاسم في تكوين الرجل العظيم، الذي بدوره هو العامل الحاسم في تغيير بيئته بطريقة فريدة، ودونه لم تكن البيئة الجديدة لتحدث.
نالت هذه النظرية عديدا من الانتقادات، إضافة إلى افتراض أن القادة إما يولدون أو لا يولدون، وأنه لا يوجد عمل أو جهد مطلوب حتى تتمكن من أن تصبح قائدا. وهذا يشير إلى أن القادة الاجتماعيين أو النفسيين محددون سلفا، وأن القادة غير قادرين على القدوم من الظل، فإما يتم اختيارهم أو لا. من الانتقادات أيضا فمعظم السمات المرتبطة بهذه النظرية ذكورية بطبيعتها، ولا تتطابق مع علم النفس الحقيقي للقادة الجيدين.
في حياتنا وعلى مر التاريخ عديد من الأفراد الذين يمتلكون صفات القائد العظيم وخلدهم أو سيخلدهم التاريخ على أنهم صناع التغيير، يستخدم هؤلاء العظماء مهاراتهم لإحداث التغيير وقيادة مجتمعاتهم. عادة ما تظهر مستويات عالية من الطموح والتصميم في القادة الذين يبدو أنهم يجلبون هذه النظرية إلى الحياة. اليوم، قد ينظر القادة الذين يصعدون إلى القمة إلى سماتهم وقدراتهم كجزء من نظرية الرجل العظيم. لذلك قد يبدو أن القادة يصلون إلى مناصبهم بناء على مواهبهم الموروثة.
ختاما، هذه النظرية تفترض أن الشخص القادر على القيادة يمتلك السمات الشخصية للقائد منذ الولادة التي تميزه عن غيرهم، وأن هذه السمات ليست شيئا يمكنك تعلمه. لكن هذا الافتراض لا يجد قبولا كبيرا في هذا الزمن من قبل العلماء، فمع تطور أدوات التعليم والمهارات التي يمكن اكتسابها يمكن إبراز قادة عظماء.
نقلا عن الاقتصادية