تحدي الأراضي

08/06/2021 0
فواز حمد الفواز

تجربة الأراضي تحد اقتصادي كان لا بد من التعامل معه لتهيئة تحقيق أهداف "الرؤية". قبل الدخول في محاولة لتلمس حلول لا بد من الإجماع على بعض العوامل المؤثرة. هناك عوامل عامة للتعامل مع الأراضي اقتصاديا وهناك عوامل خاصة في المملكة. أولها: توافر المال بحجم أكبر من القدرات الاستيعابية للاقتصاد الوطني، كان لا بد للمال أن ينعكس على أسعار الأصول التي أهمها بمسافة الأراضي، ما جعل تملك وتجارة الأراضي مجالا نشطا مهما لكنه غير منتج.

العامل الثاني: الأراضي خضعت لتوزيع لا يتناسب مع التوزيع السكاني والمدني والحاجة إلى دور الأراضي كمدخل في العملية الاقتصادية. العامل الثالث: المصالح السهلة في الأراضي كان لا بد أن يشوبها سلوك إداري غير صحي. هذه العوامل أدت بطبعها إلى تعمق مصالح للبعض، ومن الطبيعي أن يدافع عن مصالحه.

جاءت "الرؤية" كي تعيد تشكيل الاقتصاد الوطني وهذا لن يكون ممكنا دون إصلاح قطاع الأراضي. الخيار في الإصلاح لا بد أن يؤخذ إما بنظرة قانونية حقوقية لتتبع الملكيات وفرزها وهذا خيار يروق للبعض إما بسبب مثالية مصدرها ثقافي، وإما محاولة لشراء الوقت لمصالح متوقعة. فمثلا هناك قاعدة شرعية تقول بالرجوع على من بيده العين، لكن هذا سيدخل المجتمع في تسلسل قضائي لا ينتهي، وبالتالي مكلف ولا يتناسب مع سلم الوقت المرادف لسرعة أهداف "الرؤية". الخيار الثاني كان لا بد من حسم ملكية بعض الأراضي التي شوهت كثيرا في العلاقات الاقتصادية على أكثر من صعيد. يقال: إن علم الاقتصاد علم الخيارات ولذلك لا بد من الاختيار. يبدو أن الخيار تم لمصلحة الحسم في نقل بعض الملكيات من مخصوصة إلى عامة.

المصلحة الاقتصادية الجماعية لا بد أن تكون مع الحسم، لأن الحسم هو ما يقابل التجاوزات في نواح كثيرة وعمليا يتناسب مع الحاجة إلى سرعة تحول وتشكيل الاقتصاد الوطني. تضرر بعض المصالح الخاصة نتيجة عملية متوقعة، بسبب أن الأخطاء مؤثرة ومتراكمة في فترة طويلة.

حل الحسم هو الأمثل لكن عمليا لا بد من آلية تجمع بين استحقاق أهداف الحسم والعدالة والحقوق، خاصة للفئات الأقل حظا وسلامة، وسلاسة الأعمال الاقتصادية في الوطن. أحد جوانب التكلفة المجتمعية تتمثل في الجدل وبالتالي تبعات درجة اليقين وتكلفتها لذلك لا بد من حلول عاجلة لإقفال هذا الملف.

المثالية تقود البعض للاعتقاد أن هناك حلولا سريعة ودقيقة ونظامية لمشكلة معقدة تطورت على مدى عقود وهذا طرح غير واقعي. أفق الحل في نظري تدور حول ثلاثة عناصر، الأول الأراضي الخالية أو التي استعمالها بسيط أو شكلي، فهذه تحولها للملكية العامة خطوة أولى مبررة بأن من يمنح له الحق في النقض.

الثانية، الأراضي المتوسطة في داخل النطاق العمراني أو استعمالها متوسط لا بد من الرجوع إلى الملاك الكبار التي عادة تناقلت الملكية بينهم لإيجاد صيغة مناسبة للتقييم والتسعير لتعويض المجتمع عن تنفع غير اقتصادي.

الثالثة، هناك أراض صغيرة وملكيات كثيرة مبعثرة وتناقلت بين العامة، وهذه من الأمثل تأصيل الملكية مع الملاك وبلع تبعات أخطاء الماضي. أعتقد أن الحكومة أخذت بالقرار الشجاع والصائب اقتصاديا، ولذلك لا بد من تسريع إقفال الملف كي نكرس الطاقة الاقتصادية والإدارية والقضائية لما هو إنتاجي كبرنامج شريك للتعاون بين القطاعين بما يساعد على تحقيق أهداف "الرؤية" السامية.

 

نقلا عن الاقتصادية