أظهر أحدث تقرير للإحصاءات السنوية 2020 الصادر عن البنك المركزي السعودي، مطلع الأسبوع الجاري، ارتفاع أعداد المساكن في المملكة بنسبة تجاوزت 4.5 في المائة خلال العام الماضي، لتصل أعدادها بنهاية العام الماضي إلى نحو 8.1 مليون مسكن، أي بزيادة تجاوزت 348.5 ألف وحدة سكنية جديدة، وبالنظر إلى الزيادة في أعداد الوحدات السكنية خلال الفترة 2016 - 2020، فإن إحصاءات التقرير الأخير للبنك المركزي تظهر زيادتها بأكثر من 1.64 مليون وحدة سكنية جديدة خلال الفترة.
وكما سبق إعلانه بارتفاع نسبة تملك السعوديين للمساكن بنهاية الفترة نفسها إلى 62 في المائة، وما رافقه من ارتفاع قياسي لإجمالي عدد عقود التمويل العقاري خلال 2016 - 2020 إلى نحو 578.4 ألف عقد تمويل (35.2 في المائة من إجمالي الزيادة في الوحدات السكنية الجديدة)، بقيمة إجمالية لحجم تمويل تلك العقود وصلت إلى نحو 288 مليار ريال، الأمر الذي أسهم في أحد جوانبه الإيجابية في زيادة تملك السعوديين مساكنهم، وأدى بدوره في المقابل إلى انخفاض أعداد الأسر المستأجرة للمساكن، وهو ما انعكس على تكلفة الإيجارات بالانخفاض خلال الفترة نفسها بنحو 18.0 في المائة.
إلا أنه في المقابل وأمام تلك الزيادة الجيدة في أعداد الوحدات السكنية الجديدة خلال الفترة التي تجاوزت ثلاثة أضعاف حجم تملك المساكن، حصل أن سجلت أسعار المساكن ارتفاعا خلال الفترة 2019 - 2020 وما زال قائما حتى تاريخه، بعد أن سجلت انخفاضا ملموسا خلال عامي 2017 - 2018، وكان مأمولا استمراره لتنخفض تكلفة تملك المساكن على الأفراد والأسر. ويعزى الارتفاع في الأسعار بالصورة القوية التي شهدتها خلال العامين الأخيرين وما زال، إلى النمو القياسي في حجم التمويل العقاري الممنوح للأفراد، مضافا إلى الدعم السكني المقدم للمستحقين له من المستفيدين، قابله في جانب العرض توقف مراحل تنفيذ نظام الرسوم على الأراضي البيضاء عند مرحلته الأولى طوال تلك الفترة، وتركز تنفيذه في أربع مدن فقط (الرياض، جدة، مكة المكرمة، الدمام).
لهذا جاءت التعديلات المهمة على المراحل التنفيذية للنظام، باختصارها إلى ثلاث مراحل مقارنة بما كانت عليه سابقا (أربع مراحل)، وإضافة 17 مدينة جديدة ليشملها تطبيق النظام، بدأ تنفيذ المرحلة الأولى من النظام في بعض تلك المدن منذ نهاية العام الماضي، وسيكتمل تنفيذها في جميع تلك المدن قبل نهاية العام الجاري، كما سيبدأ تنفيذ المرحلة الثانية في كل من الرياض وجدة والدمام خلال العام الجاري، ولاحقا سيتم تطبيق المرحلة الثانية في مكة المكرمة.
الذي يؤمل معه أن تتوقف وتيرة أسعار الأراضي داخل تلك المدن عن الارتفاع والتضخم، وفي الوقت ذاته أن يندفع ملاك تلك الأراضي نحو تطويرها وتشييدها بالتعاون مع شركات التطوير العقاري، أو إلى التخارج منها وزيادة المعروض منها في جانب العرض، وكل ذلك من شأنه أن يسهم مجتمعا في الحد من الارتفاع والتضخم في أسعار الأراضي بالدرجة الأولى، إضافة إلى أسعار المنتجات العقارية على اختلاف أنواعها، وكما يتأكد للجميع أن المخزون الهائل من الأراضي القابلة للاستخدام والانتفاع يتجاوز بأضعاف كثيرة حجم الطلب لعدة أعوام مقبلة، والأمر كذلك بالنسبة للوحدات السكنية الجاهزة للاستخدام - تملك، استئجار -، وأن المشكلة أبدا لم تكن في عدم توافر الأرض أو المسكن، بقدر ما أنها تكمن بالدرجة الأولى في تكلفة الامتلاك، التي طالما تم التأكيد عليها طوال العقد الماضي، وأن المشكلة الإسكانية لم ولن تتعلق في يوم من الأيام بعدم توافر الأراضي أو المساكن.
الأمر الآخر بالغ الأهمية، والمتوقع أن ينعكس أثره الإيجابي على المستويات المتضخمة لأسعار الأراضي والعقارات بالانخفاض، إضافة إلى ما تقدم ذكره فيما يتعلق بالانتقال إلى المرحلة الثانية من نظام الرسوم على الأراضي البيضاء في المدن الرئيسة، وبدء تطبيق المرحلة الأولى من النظام في 17 مدينة أخرى، هو الدخول الكبير والمهم جدا لشركات تطوير عقاري عملاقة في السوق العقارية، التي تتقدمها شركة التطوير العقاري المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة، التي ستغطي في بداية نشاطها بإنشاء وتشييد مشاريعها السكنية العملاقة تسع مدن في أربع مناطق رئيسة (الرياض، الشرقية، مكة المكرمة، عسير)، إضافة إلى شراكاتها مع عشرات الشركات في مجال التطوير العقاري، واندفاع عديد من شركات التطوير العقاري الأخرى في الاتجاه ذاته، ما يؤكد أن المرحلة الزمنية المقبلة موعودة مع أعداد أكبر من مئات الآلاف من المنتجات السكنية، التي ستسهم في زيادة الوحدات السكنية سنويا بما لا يقل عن ضعف الزيادات المتحققة خلال الفترة الماضية 2016 - 2020، في الوقت ذاته الذي سيكون الطلب على المساكن قد تراجعت حدته مقارنة بالفترة الماضية، التي شهدت تراكم الطلب على الإسكان لعدة أعوام ماضية، ليعود إلى مستواه السنوي الطبيعي، وهو ما ستشهد معه السوق تقلص الفجوة الإسكانية، التي كان عديد من تجار الأراضي والعقاريين يتذرعون بها كحجة لارتفاع الأسعار السوقية وتضخمها، لتصبح تلك الحجة وغيرها من الحجج في ظل هذه المتغيرات المهمة المقبلة على السوق (تقدم تنفيذ بقية مراحل نظام الرسوم على الأراضي البيضاء، الزيادة الهائلة في أعداد الوحدات السكنية ذات الجودة)، أؤكد أنها الحجج التي سيطويها الزمن إلى غير رجعة، بمشيئة الله تعالى.
نقلا عن الاقتصادية
أخي الكريم/عبدالحميد العمري : قبل 8 سنوات، كتبتُ مدونة في موقع (أرقام) تجدها على الرابط التالي (https://www.argaam.com/streamer/comments/72972).. والمدونة هي إجتهاد لتحديد عبء إمتلاك السكن للفرد العادي وخلاصته أن: 1) قيمة الإمتلاك يجب أن تكون أقل من 6 مرات الدخل السنوي للفرد الذي يجب أن (يمد رجوله على قد لحافه)!!!.. 2) العامل الأكبر في تحديد قيمة السكن هي سعر الأرض البيضاء وخدماتها!!.. وهذا العامل هو بيد الحكومة كونها المالك السيادي لجميع أراضي البلد قبل منحها للمالك الأول!!.. ويظهر ذلك بوضوح في المنح المليونية مجاناً لأول مرة ثم تتداول بين الوسطاء وكلٌّ يزيد سعرها بربحه (المعقول أو الجشع) حتى تصل إلى المستفيد النهائي (المواطن) بسعركبير جداً ليصلُ أحياناً إلى 50% من قيمة إستملاك السكن!!!.. والله المستعان.