أستراليا .. الدفاع عن الوقود الأحفوري

01/06/2021 4
فواز حمد الفواز

أخذت الحرب على الوقود الأحفوري توجها جديدا تقريبا في اليوم نفسه حين أصدرت محكمة هولندية بإجبار شركة شل على تخفيض العوادم الكربونية 45 في المائة مع نهاية العقد، وفوز مجموعة دفاع عن البيئة بمقعدين في مجلس إدارة شركة إكسون موبل بدعم من بيوت مال مؤثرة مثل "بلاكروك". في ظل الجدل المستمر على تحول منظومة الطاقة تحتل أستراليا موقعا فريدا عالميا، فهي بلد غربي النهج ويعتمد على الطاقة الأحفورية ومهم لأمريكا جيواستراتيجيا. لذلك أجد في موقف أستراليا من الحرب على الوقود الأحفوري أنه جدير بالاهتمام.

فلم يقبل مورسون رئيس الوزراء دعوة الرئيس بادين بالالتزام بإنهاء العوادم في 2050، فقد ذكر أن السياسة البيئية لا تحدد في جلسات المثقفين في القهوة، حيث مصير حياة وأعمال كثير من المواطنين. أستراليا أكبر مصدر للفحم يليها إندونيسيا ثم روسيا ثم أمريكا "أستراليا تشكل 37.5 في المائة، الدول الأربع تشكل نحو 77.5 في المائة من صادرات العالم في الفحم، التقييم بالدولار لعام 2019".

يقابل هذا موقف اليابان وكوريا الجنوبية التي قبلت بموعد 2050 والصين لعام 2060، فهذه الدول هي المستورد الأهم لصادرات أستراليا، ولذلك ربما ليس لأستراليا من مهرب غير التكيف مع الحياة الاقتصادية دون الفحم في المدى الطويل. لكن من ناحية أخرى قدمت الحكومات المركزية والمناطقية دعما ماليا للوقود الأحفوري 10.3 مليار دولار أسترالي 2020، وأقرت 264 مليونا لتأسيس مركز لتجميع الكربون.

يأتي هذا الدعم في ظل حرب تجارية مع الصين، ما أسهم في انخفاض الأسعار. الضغوط البيئية ونزول الأسعار ومحاولة الحكومة المحافظة على دعم الصناعة على الأقل حتى الإجماع على سياسة بديلة جعلت أستراليا في موقف جدلي، فمثلا هناك توجه لتقليل اعتماد توليد الكهرباء على الفحم، وعلى سبيل المقارنة مختلف عن كندا وأمريكا. استطاعت أستراليا تقليص العوادم 4 في المائة بين 2013 و2021 لكنها مصرة على عدم تقديم جدول آلية لتسعير الكربون. يذكر وزير التعدين أن الخطة الأسترالية تعتمد على التقنية وليس الضرائب، كذلك يقول: إن هناك نحو 200 محطة توليد كهرباء تعتمد على الفحم تحت التنفيذ، أو التخطيط لذلك ليست هناك خطة لوقف تراخيص المناجم أو توسعها.

وتحاول الشركات التكيف مع الوضع الجديد من خلال تنويع الصادرات. الاختيار الأول للزراعة، خاصة أن الدول الآسيوية أصبحت غنية وتستهلك كثيرا من المنتجات الزراعية واللحوم، حيث الأراضي الواسعة والتقنية متوافرة والموانئ. الواقع والتوجه الأسترالي ما زال يراهن على الوقود الأحفوري وإن كانت هناك خلافات سياسية ومحاولات في القطاع الخاص وغير الربحي للتكيف والرغبة في تغيير السياسة العامة. أستراليا مهمة لنا لأن الفحم هو الخط الأول للدفاع عن النفط والغاز إذ لا يقارن بمستوى العوادم لكن التوجه ضد الوقود الأحفوري واضح رغم ما نقرأ ونسمع من مبالغات حول الممكن والسرعة في تحول منظومة الطاقة. ربما لدى المملكة فرصة للتعلم من تجربة أستراليا والتنسيق في المواقف والمباحثات مع الدول الأخرى.

 

نقلا عن الاقتصادية