التناقض والإنكار في عالم الأعمال والاستثمار

25/05/2021 0
محمد العنقري

يبحث كل فرد عن تحسين أحواله المادية بطرق عديدة مثل الفرص الوظيفية أو يؤسس مشروعه الخاص أو يتجه للاستثمار في أسواق المال وفي الحالتين الأخيرتين يكون عبء القرار عليه كبيراً ويحتاج إلى تجارب وتنمية للخبرات حتى لا يقع في الخسائر المحققة في حال تصفية أعماله أو استثماراته فلا بد من امتلاك المهارات والممكنات من أدوات وغيرها لاتخاذ القرار المناسب والتعامل مع التحولات التي قد تواجهه فتحدي الظروف المعاكسة للاتجاه المتوقع يعد خطيئة ثمنها كبير وقد يذهب برأس المال، بل الوقوع تحت التزامات إضافية كالقروض أو تكاليف لا يملك تغطيتها ولذلك فإن التعامل مع المتغيرات ضروري جداً لتجنب الخسائر.

وقد يكون هناك إيجابيات عديدة يكتسبها الفرد من الخبرات التي تتراكم لديه، لكن أكثر ما قد يقع فيه البعض ممن لديهم أعمال أو استثمارات في أسواق المال «التناقض والإنكار» فتجد أشخاصاً يتناقضون في آرائهم حول مجال نشاطهم في اليوم الواحد عدة مرات فبعض من يعملون في النشاط العقاري مثلا تجده عندما يكون الحديث عن النشاط في الإطار العام يعطي رأياً مختلفاً عند حديثه حول منتج عقاري معين فقد يكون في الطرح الأول إيجابياً وفي الثاني سلبياً أو العكس فالتناقض يفقدك المصداقية في السوق ويشتت ذهنك مما يؤدي لقراءة ضبابية للأعمال التي تنشط بها فمن المهم تكوين الرأي الواقعي ومعرفة الاتجاه وفهم كل العوامل التي تغير في طبيعة الأعمال فالمصداقية مهمة جداً وأساسية لبناء الثقة مع العملاء أما الإنكار فهو أخطر ما يواجهه المستثمرون في أسواق المال والسلع والعملات تحديداً حيث تكثر التقلبات بتوجهاتها مما يتطلب اتخاذ القرار بناءً على المعطيات وليس الأمنيات فالأسواق أكبر من الجميع ولا يمكن تحديها فمثلاً التحول الكبير الذي حدث الاتجاه الصاعد للعملات الرقمية منذ أيام أفقد بعضها نحو 50 في المائة من قيمتها وبذلك فهي تحتاج إلى الارتفاع بنسبة 100 في المائة من أسعارها الحالية لتعوض خسائر من استثمر أو ضارب عليها عند قممها السعرية فمثل هذا الهبوط الحاد لا يمكن تسميته إلا بالانهيار الكبير والتحول لسوق هابطة إلا أنه لا يمكن الحكم هل هذا التحول سيبقى لفترة طويلة أو فترة قصيرة إلا بعد مرور عدة أسابيع وفي كل الأحوال على المستثمر عدم المكابرة والاستناد فقط على المعلومات التي انتشرت عندما قام ببناء مركزه الاستثماري، فلو كان ما تملكه سراً لا يعلمه إلا القلة من المتعاملين فيمكن القول إنك تواكب موجات الأسواق وتبني مركزك من بداية الاتجاه الصاعد، لكن إذا ما بنيت مركزك الاستثماري عند القمم أو ما يقاربها فإن أي انهيار يحدث لا يجب أن تتحداه، بل من الضروري البحث عن التغير بالأساسيات التي أدت لهذا الانهيار فرغم أهمية كل أنواع التحليل المالي أو الفني إلا أن التغير في أساسيات الأسواق التي بني عليها في المقام الأول الاتجاه فإن ذلك يلغي معه بقية العوامل الإيجابية الأخرى وتصبح كل الأحاديث عن مستقبل تلك الورقة المالية أو العملة غير مناسب في حال البحث عن القرار السليم الذي يقلل من الخسائر وتستعيد معه التوازن المطلوب للعودة للأسواق لكن بقرءة أكثر نضجاً، التناقض والإنكار عاملان سلبيان لا يمكن معهما اكتساب خبرات جيدة ولا يمكن كذلك تطوير الاستثمار أو الأعمال، بل قد يؤديان إلى الإفلاس فالأسواق محيطات تبتلع أعتى البواخر عندما تهيج بشدة ولذلك عندما تنهار الأسواق مثلاً لا يمكن للفرد مقاومتها ويتطلب منه التعامل الواقعي وعدم المكابرة فيمكن تعويض الخسائر إذا حدثت فعادة يقوم الكثير من المتعاملين محدودي الخبرة الذين جذبتهم التوقعات الإيجابية الكبيرة عن اسثماراتهم رغم تضخم أسعارها بإنكار هذا الانهيار ويعده مؤقتاً ويصل بمرحلة لاحقة لأن يعده البعض مؤامرة من أطراف كبيرة وفي الحقيقة ما أدى إلى الانهيار هو التغيرات الجوهرية مما يستوجب الاعتراف بالأزمة وليس إنكارها لوضع الاستراتيجية المناسبة للتغلب عليها.

 

 

 

نقلا عن الجزيرة