اهتمت رؤية 2030 بمعالجة أوضاع ذوي الدخول المحدودة والمستفيدين من الضمان الاجتماعي والخدمات المجتمعية، وتعزيز دور القطاع غير الربحي، وحوكمة منشآته وإثراء مخرجاتها وبما يتوافق مع الاحتياجات والتطور المجتمعي ومتغيرات الاقتصاد الكلي، والانتقال بخدمات القطاع من الآليات التقليدية إلى آليات عصرية محترفة، تسهم في تمكين المستفيدين للاعتماد على أنفسهم بعد حصولهم على برامج متنوعة تعزز قدراتهم العلمية والعملية.
هناك تطور كبير في القطاع الخيري عمومًا، وإن لم نصل بعد للهدف المنشود، إلا أن خارطة الطريق الحالية قادرة على توجيه العمل الخيري نحو الأهداف المرسومة، وبما يسهم في بناء المجتمع من الداخل وتطوير مكوناته، وتعزيز دور أفراده في التنمية البشرية والاقتصادية عمومًا. والأسرة هي محور التنمية التي يمكن من خلالها معالجة بعض المشكلات، ومنها مشكلة العوز والحاجة، من خلال احتضان أفرادها وتأهيلهم وتمكينهم من سوق العمل. تحقيق الأمن الأسري هو مفتاح التنمية المجتمعية لذا ركزت المؤسسات الأهلية عمومًا على تحقيق ذلك الهدف من خلال التعليم والتدريب والتمكين الوظيفي، إضافة إلى توفير المسكن الآمن المحقق للاستقرار الأسري والنفسي والاجتماعي.
الإسكان التنموي أحد أهم البرامج التنموية الموجهة للأسر المحتاجة، المعني بتوفير وحدات سكنية بحق الانتفاع للأسر المستحقة والأشد حاجة في المجتمع من غير القادرين على الاستفادة من برامج وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان التمويلية.
نجحت الشراكة المثمرة بين وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان ومؤسسة الإسكان التنموي الأهلية والجمعيات الخيرية والقطاع الخاص في تعزيز دور الإسكان التنموي والتوسع في مشاريعه، وتفعيل دور القطاع غير الربحي وفق رؤية تنموية مجتمعية محققة للأمن الأسري، ليكون معززًا للمساهمة المجتمعية التي يفترض أن تكون من ركائز التنمية عمومًا.
الأكيد أن وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان هي المعنية بتوفير المساكن للمواطنين، غير أن الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني أمر مهم؛ لارتباطها بالأسر المحتاجة. لا يمكن للمؤسسات الخيرية، بإمكانياتها المحدودة، تنفيذ مشاريع إسكان للمستفيدين من خدماتها، غير أنها تمتلك القدرة على تفعيل الشراكة مع الوزارات المعنية، والبرامج الحكومية المتخصصة، والقطاع الخاص، وتحفيز ذوي الملاءة المالية والمساهمات المجتمعية على تمويل مشاريع الإسكان التنموي وفق رؤية الحكومة، وانضباطية التمويل، وسلامة مصارفه الخيرية، والحوكمة المؤسسية. جمعية البر بالمنطقة الشرقية من الجمعيات الرائدة في المملكة، التي استفادت مؤخرًا من برنامج الإسكان التنموي وفق شراكتها مع وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان ومؤسسة الإسكان التنموي الأهلية والقطاع الخاص. توقيع 6 اتفاقيات ضمن برنامج الإسكان التنموي لتوفير 4000 وحدة سكنية بالمنطقة الشرقية بقيمة تتجاوز مليارًا و300 ألف ريال سيسهم في تحقيق التنمية لما يقرب من 50 ألف أسرة مستفيدة من أسر الجمعية وسيحقق لهم الأمن المجتمعي المنشود، كما أنه سيعزز دور القطاع الخاص في المسؤولية المجتمعية.
الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، أمير المنطقة الشرقية رئيس مجلس إدارة جمعية البر بالشرقية، أكد بعد توقيعه الاتفاقيات الست على «أهمية التعاون بين القطاعين العام والخاص والقطاع الثالث للوصول للمحتاجين ومساعدتهم ودعمهم من خلال ما تقدمه الجمعيات الخيرية من مشاريع تنموية تصب في مصلحة هذه الأسر المحتاجة»، ولعلي أشير إلى الدور القيادي الذي يقوم به الأمير سعود بن نايف لتحفيز القطاع الخاص بالمساهمة الفاعلة في خدمة المجتمع، والمشاركة في مشاريعها التنموية، وتقدير رجال المال والأعمال الداعمين للمشاريع الخيرية في المنطقة، ومعالجة التحديات التي تواجه بعض مشاريع التنمية المجتمعية، وتحقيق التكامل الأمثل بين القطاعين الحكومي والخاص من أجل تنفيذ المشاريع التنموية المباركة.
نواة مشاريع الإسكان التنموي في الشرقية ستفتح باب المساهمات المجتمعية أمام رجال المال والأعمال والشركات الفاعلين في أعمال البر، والحريصين على تنمية منطقتهم ومد يد المساعدة للمحتاجين من خلال البرامج الحكومية المتنوعة وفي مقدمها برامج وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان المحققة للأمن الأسري والتنمية المجتمعية.
نقلا عن الجزيرة