من بين إحدى عشرة مبادرة أعلن عنها سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد خلال ثلاثة أشهر، مبادرة "السعودية الخضراء" ومبادرة "الشرق الأوسط الأخضر"، اللتان تمثلان أهمية كبرى في ظل عبث الإنسان بالبيئة وبمقدراتها، ما ساهم بشكلٍ كبيرٍ في حدوث كوارث بيئية غير محمودة العواقب، مثل تآكل طبقة الأوزون وغيرها من الإشكاليات البيئية، التي تُعد الأسوأ في العصر الحديث.
إن أزمة المناخ الحادة التي يواجهها العالم بأسره اليوم غيرت من سلوكيات الطبيعة من جراء مثلاً ظاهرة الاحتباس الحراري Global Warming بسبب انبعاثات ما يُعرف بالغازات الدفينة، مثل غاز ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان وغازات أخرى، والتي تسببت في ارتفاع منسوب مياه سطح البحر وتغيير كمية ونمط هطول الأمطار، والذي نتج عنه كوارث طبيعية حلت بالعالم من فقدان بعض المحاصيل الزراعية، وزيادة حرائق الغابات، وازدياد الفيضانات وغرق الجزر المنخفضة والمدن الساحلية، والذي تسبب بدوره في تهديد حياة البشر على كوكب الأرض عامة بلا استثناء.
أصدرت منظمة الصحة العالمية (WHO) تقريرا عن جودة الهواء، جاء فيه أن 92 ٪ من سكان العالم يعيشون في أماكن تتجاوز فيها مستويات جودة الهواء حدود منظمة الصحة العالمية، وأن التعرض لتلوث الهواء في المناطق المفتوحة يتسبب في وفاة حوالي 3 ملايين إنسان سنويًا، كما وتسبب تلوث الهواء الداخلي والخارجي معًا في وفاة 6.5 ملايين إنسان، والذي يمثل 11.6 ٪ من جميع الوفيات في جميع أنحاء العالم.
وهناك تقرير آخر يقول إن التعرض لهواء ملوث أدى إلى الإصابة بالسكتات الدماغية والنوبات القلبية وسرطان الرئة وأمراض الرئة المزمنة، مما تسبب في العديد من الوفيات المبكرة، وأن الهواء الملوث يشكل رابع أكبر سبب للوفاة على مستوى العالم بعد ارتفاع ضغط الدم والنظام الغذائي غير الصحي والتدخين.
لهذه الأسباب وغيرها تنبه سمو ولي العهد للمخاطر التي تحدق بالإنسان السعودي وغير السعودي في السعودية وبمنطقة الشرق الأوسط، بسبب التلوث وظاهرة التصحر والتغيرات المناخية الخارجة عن المألوف، وبالذات في المملكة ومنطقة الشرق الأوسط، اللتين تقعان في منطقة حزام جغرافي تهدده الصحراء من أطرافه وعمقه، هذا بالإضافة إلى افتقاره للموارد المائية الطبيعية من أنهار، وقلة نسب الأمطار السنوية. ويُقال أيضاً إن المملكة والمنطقة يواجها هدر اقتصادي كبير يُقدر بمبلغ 13 مليار دولار سنوياً، نتيجة للتصدي للتحديات البيئية المختلفة، من أهمها التصحر والعواصف الرملية.
وتستهدف المبادرة الخاصة بالمملكة، زراعة 10 مليارات شجرة داخل المملكة من إجمالي 50 مليار شجرة بمنطقة الشرق الأوسط خلال السنوات المقبلة، وإعادة تأهيل حوالي 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، والذي بدوره سيضاعف من زيادة في المساحة المغطاة بالأشجار الحالية في المملكة إلى 12 ضعفاً، كما وسيعزز من مساهمة المملكة في الخفض من معدلات التلوث العالمية بأكثر من 4 % ويَحد من تدهور الأراضي والموائل الفطرية.
إضافة إلى ما سبق ذكره، هناك جهود حثيثة في المملكة لرفع نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30 % من مساحة أراضيها التي تقدر بـ (600) ألف كيلومتر مربع، لتتجاوز المستهدف العالمي الحالي والبالغ نسبته 17 % من أراضي كل دولة، هذه بالإضافة إلى عدد من المبادرات المبذولة لحماية البيئة البحرية والساحلية.
مبادرتا المملكة حظيت بإشادة عالمية، كونها تنسجم تماماً مع الجهود الدولية للمحافظة على البيئة وعلى كوكب الأرض من التلوث والانبعاثات الكربونية وغيرها من الغازات السامة والضارة بالبيئة عموماً، وبالذات أن مبادرة السعودية الخضراء، ستعمل على الرفع من الغطاء النباتي، وتقليل انبعاثات الكربون، ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي، والحفاظ على الحياة البحرية، والذي بدوره سينعكس على حياة المواطن والمقيم صحياً ونفسياً واجتماعياً كونه سيحسن من مستوى جودة الحياة في السعودية الخضراء.
نقلا عن الرياض