الآفاق المستقبلية لتخزين الطاقة

27/01/2021 0
د. نعمت أبو الصوف

منذ اكتشاف الكهرباء، سعى العالم إلى طرق فعالة لتخزين الطاقة لاستخدامها عند الطلب. على مدى القرن الماضي، استمرت صناعة تخزين الطاقة في التطور والتكيف والابتكار استجابة لمتطلبات الطاقة المتغيرة والتقدم التكنولوجي. توفر أنظمة تخزين الطاقة مجموعة واسعة من الأساليب التكنولوجية لإدارة إمدادات الطاقة من أجل إنشاء بنية تحتية للطاقة أكثر مرونة وتحقيق وفورات في التكاليف لمحطات التوليد والمستهلكين.

لقد أدى التوسع في توليد الطاقة المتجددة المتقطعة إلى بروز تحديات جديدة في التوازن والموثوقية لأنظمة توليد الكهرباء. حيث يؤدي عدم التطابق بين إنتاج الطاقة المتجددة والطلب على الكهرباء إلى فترات من التوليد الفائض وفترات نقص في التوليد. وستؤدي فترات عجز الطاقة الأخيرة هذه إلى تحديات في الموثوقية ما لم يتم استخدام حلول موازنة إضافية. يمكن أن يراوح نقص الطاقة من بضع ساعات إلى أيام إلى مواسم إلى أعوام. إن نظام الطاقة الأقل تكلفة هو الأفضل لمواجهة تحديات التوازن هذه مع استثمارات متنوعة في البنية التحتية للطاقة، اعتمادا على تكاليف التكنولوجيا، توافر الموارد الطبيعية، الترابط وأنماط الأحمال المتطورة، بما في ذلك الأحمال المرنة.

يوفر تخزين الطاقة طويل الأمد إمكانات كبيرة لعالم تهيمن فيه طاقة الرياح والطاقة الشمسية على القدرات الجديدة لمحطات توليد الطاقة، وتتفوق تدريجيا على مصادر أخرى للكهرباء. عادة تنتج طاقة الرياح والطاقة الشمسية في أوقات معينة، لذا فهم بحاجة إلى تقنية تكميلية للمساعدة على سد الفجوات. إن بطاريات أيون - الليثيوم، التي توفر حاليا 99 في المائة من سعة التخزين الجديدة، ستصبح باهظة الثمن إذا تم تمديدها لساعات عديدة.

بالفعل تتزايد تحديات تخزين الطاقة مع مرور كل يوم. العالم بحاجة إليها بثمن بخس وبشكل عاجل، لمواكبة خطط أوروبا، آسيا، الولايات المتحدة وغيرها من الدول في زيادة كمية الطاقة المتجددة بشكل كبير في مزيج توليد الطاقة. نتيجة لذلك، أصبحت الاختراقات في تكنولوجيا تخزين الطاقة أمرا معتادا إلى حد ما. أحدث هذه الاختراقات التكنولوجية تبشر بحل لتحدي تخزين الطاقة من حيث التكلفة والسعة الخزنية. ويتضمن هذا الاختراق التكنولوجي استخدام مياه البحر لإنتاج إلكتروليتات البطارية بدلا من المذيبات، التي هي أغلى بكثير لكنها أقل أمانا من الماء.

ويقول مبتكر هذه الطريقة، وهو مهندس كيميائي من جامعة ولاية أوريجون: إن احتياجات الطاقة في العالم تتزايد، لكن تطوير أنظمة تخزين الطاقة الكهروكيميائية من الجيل التالي بكثافة طاقة عالية وعمر تخزين طويل لا يزال يمثل تحديا تقنيا. ويضيف الباحث: إن البطاريات المائية، التي تستخدم محاليل موصلة منتجة من الماء مثل الإلكتروليت، هي بديل ناشئ وأكثر أمانا بالنسبة لبطاريات أيون - الليثيوم. لكن كثافة الطاقة في الأنظمة المائية منخفضة نسبيا، كما أن الماء سيتفاعل مع الليثيوم الأمر الذي زاد من إعاقة استخدام البطاريات المائية على نطاق واسع. لحل مشكلة كثافة الطاقة، صنع الباحثون سبيكة نانوية Nanostructured جديدة كاملة لأنود بطاريتهم المائية. يتكون الأنود من المنجنيز manganese والزنك والمعادن الأخرى. حيث يعمل الزنك على تعزيز كثافة طاقة البطارية، لأنه يمكن أن ينقل ضعف شحنات الليثيوم. في حين أن العناصر الأخرى من الأنود زادت من سلامة البطارية عن طريق منع تكوين النتوءات التي تميل إلى التكون في بطاريات أيون الليثيوم المشحونة، ما يؤدي أحيانا إلى الاحتراق التلقائي.

في ألمانيا، يعمل العلماء أيضا على بطاريات مائية، حيث تعمل مراكز البحوث حول العالم لتخطي حدود أيونات الليثيوم. ومع ذلك، ركز هذا الفريق على بطاريات الزنك الهوائية، التي تتمتع بكثير من المزايا مثل كثافة الطاقة والاستقرار لكنها، مع الأسف، غير قابلة لإعادة الشحن. أو على الأقل لم تكن قابلة لإعادة الشحن حتى الآن.

من خلال العمل مع علماء من الصين والولايات المتحدة، طور باحثون من جامعة ويستفاليان فيلهلمز Westphalian Wilhelms في مونستر إلكتروليتا جديدا لبطارية زنك هوائية تعتمد على مياه البحر، لتحل محل المحاليل القلوية التي تستخدم عادة. لقد أدخلوا أيضا أنودا يعتمد على ملح الزنك الذي جعل البطارية ليست قابلة لإعادة الشحن فحسب، بل متينة للغاية أيضا، ومن المحتمل أن تكون قادرة على التنافس مع فاعلية بطارية أيون الليثيوم.

ستحتاج كلتا البطاريتين إلى مزيد من العمل قبل خروجهما من المختبر والوصول إلى السوق. لذلك على الأقل في الوقت الحالي، ستظل هيمنة تقنية أيونات الليثيوم مضمونة. لكن قد لا يتم ضمان ذلك لفترة طويلة إذا استمرت الجهود في إيجاد بدائل أكثر أمانا، وربما الأهم من ذلك، أنها ستكون أرخص.

حاليا، تخطط الولايات المتحدة وحدها لزيادة قدرتها على تخزين الطاقة بنسبة تصل إلى 525 في المائة بحلول عام 2025. ويتم بالفعل إضافة طاقات تخزين بمعدل سريع: حيث إن قدرة التخزين التي تم إنشاؤها في الربع الثالث من عام 2020 أعلى بنسبة 240 في المائة من القدرة التي تم إنشاؤها في الربع الثاني، كل ذلك رغم تفشي الوباء.

في الوقت نفسه، فإن سعة التخزين الحالية بعيدة جدا عن أن تكون كافية لتشغيل الشبكة لأكثر من ساعة أو ساعتين، ما يجعلها مناسبة لاستبدال محطات الذروة لكن ليس أكثر من ذلك، خاصة الاستبدال الكامل للوقود الأحفوري بالطاقة الشمسية وطاقة الريح. لذلك، ستحتاج الشبكة إلى ما يكفي من الكهرباء المخزنة لتستمر لساعات عديدة في حالة تعارض أنماط الطقس مع توليد الطاقة في مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهو أمر شائع الحدوث.

التخزين على نطاق المرافق وبطاريات المركبات الكهربائية سيحددان إلى حد كبير مصير ثورة الطاقة المتجددة. إن انخفاض تكاليف تكنولوجيا الطاقة الشمسية وطاقة الرياح هو دائما يعد أخبارا جيدة، لكن دون تخزين كاف على نطاق واسع، فإن هذه التكاليف المنخفضة ليست لها أهمية على المدى الطويل.

 

نقلا عن الاقتصادية