يتوقع أن يحتل قطاع الطاقة، بمجالاته المتعددة، جانباً من صدارة الأجندة الاقتصادية للعام الجديد. فستشمل الأجندة أولاً انعكاسات آثار «كوفيد - 19» على الاقتصاد العالمي، بنشاطاته المتعددة، ومن ثم أهمية الطاقة والوقود. وهذا يعني إعادة تقييم اقتصاديات ما قبل «كورونا»، مثل الطائرات الضخمة والفنادق السياحية الضخمة دون العدد المطلوب من الركاب والنزلاء في 2021. بالإضافة إلى الاهتمام بمسألة شح وندرة المياه، هذا بالإضافة إلى التحديات التي تواجه صناعة الطاقة التقليدية من قبل الطاقات المستدامة النظيفة.
سيتركز الاهتمام الرئيسي لمسؤولي الطاقة على منحى اتجاه العرض والطلب على النفط والغاز خلال مرحلة مكافحة جائحة كورونا. من المفروض أن الهلع والضغوط ستتقلص مع اكتشاف اللقاح والبدء بحملات التلقيح في بعض الدول. لكن المشكلة التي ستواجهها البشرية، ماذا عن تلك الدول التي لا تستطيع شراء الكميات اللازمة من اللقاح، والتي اشترت كميات محدودة منه، كافية لنسبة محدودة من سكانها؟ ماذا عن صحة بقية السكان والمقيمين، وماذا عن مدى استعداد الجهاز الطبي في تقديم اللقاح بحسب شروط التخزين والنظام المطلوبين؟ وماذا عن استمرار استعمال الكمامات وتبني التباعد الاجتماعي للفترة اللازمة طوال عام 2021؟ هل من الممكن تبني هذه الوسائل الصحية والاجتماعية لفترة طويلة مقبلة، بالذات في دول العالم الثالث؟ لماذا العالم الثالث. تكمن أغلبية سكان العالم في هذه المجموعة من الدول، وكثير من سكانها نشطون في التنقل والسفر. ويستهلك أكثر من نصف النفط العالمي في دول العالم الثالث. من ثم أهميته في ميزان العرض والطلب على النفط.
وسيشكل الاهتمام الطاقوي الآخر، التغير الجذري المحتمل لسياسة الطاقة في عهد الرئيس الأميركي جو بايدن، التي ستشكل نقيض سياسة دونالد ترمب خلال السنوات الأربع الماضية. فالخطب المتكررة والتعيينات لشخصيات مهمة في مجال الطاقة تدل على أن التغيير في سياسة بايدن الطاقوية لن يقتصر على موضوع التغيير المناخي أو الانحباس الحراري. فتوجهات سياسة بايدن الطاقوية تدل على أن الاتجاه هو لولوج سياسات البيئة والمناخ مجال الأمن القومي والسياسات الخارجية. إذ تم تعيين المسؤول عن الطاقة - والمسؤول مباشرة أمام الرئيس - وزير الخارجية الأسبق جون كيري عضواً في مجلس الأمن القومي الأميركي. والأهم من ذلك، أن بقية المسؤولين في فريق الطاقة هم من الناشطين في الساحة الأميركية بتحسين مختلف مجالات البيئة والمناخ. هذا الأمر يشمل، ربط الاتفاقات الأميركية الدولية ببنود متناسقة مع السياسة الأميركية الطاقوية الجديدة. كما يشمل هذا تشجيع سن القوانين المحلية في الولايات الأميركية باستعمال السيارات الهجينة والكهربائية، بالإضافة إلى دعم تقليص انبعاثات ثاني اكسيد الكربون مما يعني دعم السيارة الكهربائية والطاقات الشمسية والرياح والهيدروجين.
من المتوقع أيضاً، أن تأخذ مواضيع المياه دوراً أكبر في السياسات الإقليمية والدولية. وهذا الأمر ذو أهمية قصوى للمنطقة العربية. إذ تعاني أكبر دولتين عربيتين سكانياً، مصر نحو 100 مليون نسمة والعراق نحو 40 مليون نسمة، من تحديات مهمة لمصادرهما المائية، الأولى مع إثيوبيا والثانية مع تركيا وكذلك إيران. ورغم اختلال موازين القوى بين الدول العربية وجيرانها في الفترة الحالية، فموضوع الدول المتشاطئة تحكمه قوانين دولية وأخذ يندرج تدريجياً في الأجندات البيئية العالمية، من ثم، يتوقع أن يأخذ هذا الملف الذي يشكل خطراً على عشرات الملايين من السكان في المنطقة، اهتماماً أكثر مما أخذه حتى الآن، إقليمياً ودولياً.
نقلا عن الشرق الأوسط