تجربة الدول الآسيوية

01/12/2020 1
فواز حمد الفواز

قرأت كتاب بعنوان: How Asia Works - التجربة الآسيوية في التنمية وعنوان فرعي: النجاح والفشل في أعلى منطقة في العالم ديناميكية. صدر في 2013 للكاتب جو ستدول Joe Studwell، لكنه لا يزال في قلب الحدث: البحث عن طريق للتنمية الاقتصادية وكيف نجح بعض دول آسيا ولم ينجح البعض الآخر؟، وبالتالي ربما الإسقاط على تجارب بعض مناطق أخرى من العالم لم تنجح في الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وإفريقيا. كتاب قصير في 191 صفحة عدا المراجع، لكنه غني بالأفكار، وكتب بطريقة سلسة استطاع فيها تفادي المصطلحات الفنية لغير المختص، وركز على الأقل الضروري في الاقتصاد السياسي، لأن خيارات التنمية تتطلب تحشيدا وطنيا يستدعي طاقة عالية من ناحية، وضرورة إدارة تكنوقراطية دقيقة اقتصاديا من ناحية أخرى. التجربة الآسيوية مختلفة من ناحيتين: الأولى أنه عدا بعض الدول الآسيوية لم ينجح أغلب مناطق العالم باللحاق بتجربة الغرب، والأخرى: بينما تجربة اليابان ربما قديمة بعض الشيء إذ بدأت في أواسط القرن الـ 19، إلا أن تجربة كوريا وتايوان وأخيرا الصين حديثة حيث البيئة العالمية لم تتغير كثيرا.

رغم أن الكتاب ليس الأول في التساؤلات المهمة حول البحث عن مفاتيح النجاح التنموي وأسباب الفشل، إلا أنه يقدم أفكارا واضحة في صفحات قليلة موثقة. منهجيا يفرق الكتاب بين اقتصادات التنمية، يقصد نهجا عاما يبدأ بتوجه حكومي قيادي يهدف إلى نقل الاقتصاد إلى مدار أعلى في التكوين الرأسمالي والإنتاجية، والسلم المعرفي التقني والتصدير والقدرة على قطع الدعم عن غير القادر على المنافسة، واقتصادات فعالة، حسابات الربح والخسارة في المدى القصير، وحرية حركة الأموال دون مواءمة مع برامج التنمية الاقتصادية. حين يتحقق النجاح التنموي تبدأ مرحلة أكثر دقة من اقتصادات فعالة. الأدهى والأمر أن توصيات صندوق النقد والبنك الدوليين تصب في اقتصادات فعالة كما يذكر الكتاب، بينما التحدي في فضاء آخر.

ربما أحد المعوقات في التفريق في علم الاقتصاد التجريبي الخضوع لسيطرة التعليم الاقتصادي لمناهج الدول الغربية المتقدمة التي في أغلبها مشغولة باقتصادات فعالة - وصف ربما ينطلي على أغلب الاقتصاديين لدينا. تحليليا يقدم الكتاب وصفة من ثلاث مراحل نجحت في رفع دخل المواطن، الوصفة تلخص تجربة الدول التي نجحت مثل اليابان وكوريا وتايوان والصين، التي أخفقت مثل الفلبين وتايلاند وإندونيسيا والدول التي حاولت، لكن لم تحقق نجاحا مؤثرا مثل ماليزيا. هناك ثلاث خطوات تبدأ بإصلاح الأراضي لتمكين الزراعة العائلية وصناعات تستهدف التصدير ومنظومة مالية محكمة تخدم القطاعين. أحد الإشكاليات يدور حول دور القطاع الخاص والمبادر، الذي يستطيع الانخراط مع التوجهات العامة، وليس بغرض تعظيم المصلحة المالية من خلال استغلال القطاع العام والمضاربات المالية على الأصول وتقديم الاستهلاك على الاستثمار.

مراجعة الكتاب الاعتيادية قد لا تفيد القارئ، لذلك رأيت الأنسب نقل عرض تسلسلي، لفت نظري، عن أهم ثماني أفكار في الكتاب على ثلاثة أو أربعة مقالات في الأسابيع المقبلة. ومن ثم ربما محاولة استخلاص الأنسب لتجربة المملكة.

 

نقلا عن الاقتصادية