في أدبيات التنمية الاقتصادية غالبا ما نقرأ ونسمع عن دور الثقافة - مصطلح واسع يسمح بالتأويل والفرضيات والعموميات والتفرد والتهرب والتنظير الفوقي والإسقاط غالبا دون الخوض في تفاصيل دقيقة تقود لتحليل علمي. مع كل هذا يصعب إنكار أو حتى تقليل دور الثقافة في اختلاف أداء الدول في مسعاها للتنمية الاقتصادية. الإشكالية المعرفية في تحديد دور الثقافة بطريقة تسمح بالمقارنة مع عوامل الإنتاج الأخرى. تحليليا الثقافة ليست عامل إنتاج مثل الأيدي العاملة أو رأس المال أو حتى المعرفة الفنية والتقنية، لكنها نتيجة تراكم العادات والممارسات المجتمعية ولذلك تأثيرها في البشر - القوى العاملة - حقيقي لكنه معقد وغير متماثل. من تبعات الثقافة الروح العملية والجدية والثقة في المجتمع والتعاون والصبر.
من أشهر الملاحظات الثقافية في هذا الصدد ما ذكر ماكس وبر عالم الاجتماع الألماني عن دور ثقافة البروتستانت في بريطانيا وألمانيا بوصفه لها بأنها تشجع على أخلاق عمل جدية ونزعة للتوفير، وحديثا الحديث عن ثقافة شرق آسيا في الانضباط والسعي الحثيث للتعليم، وربما مهارة العربي في التجارة أصبحت تميزا معروفا. البعض وجد هذا التوصيف مريحا فكريا دون تعمق في تحليل الثقافة من زاوية القوى العاملة. تحليليا هناك نوعان من الثقافة فيما يتصل بالرأسمال البشري. هناك نوع قابل للتسويق، فمثلا ممكن أن تكون لدى الفرد مهارة معينة أو طاقة أعلى من العادية أو نزعة للتوفير أو رغبة في المبادرة في الأعمال. هذه الخصال أو إحداها غالبا تكفي لنجاح الفرد اقتصاديا لكن النجاح الفردي قد أو قد لا يلتقي مع المصلحة الجماعية. النوع الثاني يدور حول درجة الوعي العام في المجتمع حول السياسات العامة والاختلافات النظرية والعملية في الحكم على البرامج والخطط الاقتصادية. حالة الوعي ترفع مستوى السياسات العامة وتحسن جودة البرامج والمشاريع. تحسين السياسات العامة ودقتها يرفعان مستوى الأداء والدخل للجميع. لكن لكل مجتمع خواص غالبا ممكن أن تكون سلبية أو إيجابية حسب الظروف وقدرة المجتمع والفاعلين فيه على التنبه للتحولات وتحريك المفيد وضبط الأقل استفادة.
من الجوانب الثقافية المهمة اقتصاديا نزعة العرب للتجارة، فهي نزعة تخدم المجتمع في كل الأحوال لكن حين تغلب العقلية التجارية على كل نواحي الحياة تكون بديلا عن التعامل مع عوامل الإنتاج مثل إدارة الموارد البشرية وتسخير رأس المال نحو الصناعة والمعرفة المهنية ومن ثم تنتقل إلى نواحي الحياة الاجتماعية وتؤثر في التصرفات والتعليم وبالتالي تتشكل أنماط ثقافية لا تخدم التنمية. لست هنا بصدد تكوين نظرة سلبية ضد التجارة أو تجييش ضد التجار فهؤلاء يقومون في الأغلب بدور إيجابي في العلاقات الاقتصادية في اكتشاف الأسعار وتسعير السيولة، لكن حين تكون التجارة المحور الأساس في النشاط الاقتصادي لا بد من مراقبة الوضع لأن التجارة في أغلبها خاصة. ولعل من الملاحظ أن الدولة التي تستهدف التنمية بعمق لا بد ألا تكون ذات نزعة تجارية وليس القطاع الخاص بمفرده، خاصة أن أغلب الاقتصاد حكومي، لكن هذا يستوجب ضمنيا وظاهريا أن يكون هناك تعاون مختلف نوعيا عما عهدناه من تعاون بين القطاعين العام والخاص. حين تكون التجارة محور نشاط القطاعين الخاص والعام الذي يوظف الأغلبية محور اهتمامه الرفاهية تكون الطاقة الوطنية مشتتة ويصعب تمكين النزعة التجارية في الدولة. حين تسود نظرة الدولة التجارية يتكون محور موثق للانخراط في البرامج العامة والخاصة وترتفع وتيرة التعاون والانسجام بين القطاعين لخدمة الجميع.
نقلا عن الاقتصادية
مقال يتطرق لنواحي مهمة الا وهو البعد الثقافي في تحسين عوامل الانتاج ...بودي هنا ان اشير إلى ان البعد الثقافي بالامكان هندسته بشكل او اخر من قبل الدولة لتعزيز العملية الانتاجية وتطوير ثقافة مجتمعنا بشكل عام . اتذكر في زمن بعيد وقبل حوالي ثلاثين عاما اني حضرتي محاضرة في واشنطن دي سي عن مفهوم الهندسة الاجتماعية عند النازيين وكيف استطاع النازيين تغيير الشعب الالماني لكي يكون معتز بنفسه وايضا ليرفع مستويات الانضباط ورفع الانتاجية والتي قادت المانيا من امة مسحوقة في اعقاب الحرب العالمية الاولى الى امة مختلفة في غضون اقل من عقدين من الزمن ....Social Engineering الهندسة الاجتماعية للمجتمعات مفهوم طوره النازيين - النازية بالعربية هي الاشتراكيين الوطنيين .-.هؤلاء استطاعوا تغيير ابجديات المجمتمع الالماني بشكل اثار اعجاب اعدائهم قبل اصدقائهم ...نستطيع نحن هنا الاستفادة من تجارب الالمان في تطوير ثقافة مجتمعنا نحو الانتاجية بشكل كبيررررر..... تحياتي لكم.