ما المميز في مجموعة العشرين هذا العام؟

19/11/2020 0
عبدالله بن عبدالرحمن الربدي

سينعقد اجتماع قادة مجموعة العشرين، يوم السبت المقبل، بعد عام حافل جدا بالاجتماعات والأحداث غير الطبيعية التي جعلت هذه القمة قمة استثنائية بحق، فهي شهدت منذ تولى المملكة رئاستها في بداية كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي بدء انتشار الفيروس الذي تطور وانتشر عالميا، ما أدى إلى سلسلة طويلة وكبيرة من الإجراءات والقرارات الصحية والاجتماعية والاقتصادية التي ما زالت آثارها إلى هذا اليوم، وقبل ذلك استمرار النزاع التجاري بين أمريكا والصين ومناطق أخرى في العالم، كل ذلك جعل اجتماعات ومهام قيادة المملكة لهذه المجموعة مهمة صعبة، ومع ذلك نجحت المملكة في قيادة المجموعة وتنظيم مهامها واجتماعاتها، وستختم يوم الأحد - بإذن الله.

من المهم فهم أجندة القمة لعام 2020 التي تولت المملكة قيادتها، وترتكز على ثلاثة محاور، وهي:

1 - تمكين الإنسان، ويندرج تحتها عديد من المستهدفات، منها على سبيل المثال: إتاحة الوصول للفرص ودعم التوظيف وبمعنى آخر: المساعدة على توفير الوظائف، تمكين المرأة، التعليم وتمكين التعليم للجميع، تمكين الرعاية الصحية والمساعدة على تطوير أنظمة صحية مستدامة متمركزة على الإنسان، وتقديم تغطية صحية شاملة، تعزيز الشمول المالي للنساء والأطفال، وذلك بالمساعدة على حصول ثلث سكان العالم على الخدمات المالية التي لا يحصلون عليها وذلك عبر تبني تقنيات مبتكرة تسهل ذلك، وأخيرا: الاهتمام بالسياحة كقوة مهمة لتوفير الوظائف ودعم النمو الاقتصادي.

2 - الحفاظ على كوكب الأرض: لعل أهم الأهداف تحت هذا المحور هو ضبط الانبعاثات وهو من أكثر القضايا جدلية، ولعل أهم سؤال هو كيف تستطيع الدول والاقتصادات تبني تقنيات واقتصادات تتبنى انبعاثات أقل وفي الوقت نفسه تحافظ على النمو الاقتصادي؟ فهناك جدل كبير حولها، حيث إن الدول المتقدمة اقتصاديا تضغط نحو تبني مثل هذه السياسات بينما الدول التي في مرحلة النمو قد تحاول عدم الالتزام بسبب حاجتها إلى وجود المصانع والوظائف، وهي تجادل أن الاقتصادات المتقدمة ليس لها الحق في طلب المحافظة على الانبعاثات بعد أن وصلت إلى مرحلة متطورة في الصناعة، كذلك من الأهداف وقف تدهور الأراضي خصوصا الغابات، وكذلك حماية المحيطات من التلوث وبالتالي حماية الشعب المرجانية، وتعزيز الطاقة النظيفة.

3 - تشكيل آفاق جديدة: في ظل التحولات الكبيرة في التقنية والاقتصاد هناك عدة مستهدفات في هذا المحور، منها: التعاون في مجال الفضاء، يوفر اقتصاد الفضاء المتنامي فرصا هائلة للعالم، تتجاوز تأثيره الاقتصادي والصناعي المباشر، كذلك تمكين الاقتصاد الرقمي الذي يثير نموه الكبير تساؤلا حول الوظائف التي سيقضي عليها وكيف سيتم التعامل معها، وحسب تصوري ستفتح وظائف أخرى، ولذلك تحتاج إلى الاهتمام بتوجيه الأجيال المقبلة نحوها وتأهيلهم لذلك، كذلك هناك مستهدف مهم وهو إيجاد حل عالمي مشترك لمعالجة التحديات الضريبية الناشئة عن رقمنة الاقتصاد، تواجه دول العالم مشكلة مع تطور نماذج الأعمال القائمة على الرقمنة وتطور التجارة الإلكترونية وأوجدت إشكاليات مهمة في نموذج ضريبي يغطيها، كذلك تطوير المدن الذكية وهو المفهوم الذي أصبح مهما للغاية مع تطور وكبر المدن الرئيسة والحاجة إلى ابتكار حلول ذكية للنقل مثلا وغيرها من التحديات، معالجة دخول الشركات التقنية الكبيرة في المجال المالي، نشهد اليوم تطورا كبيرا في التقنية المالية التي تحتاج إلى تشريعات ومراقبة، خصوصا حفظ حقوق البيانات وتأثيراتها في السياسة النقدية، وتطور العملات المشفرة، وأخيرا مكافحة الفساد، ستحاول المملكة عبر قيادتها للمجموعة تعزيز الجهود لمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة والحث على التخصيص وغيرها.

كل هذه المحاور الرئيسة مهمة جدا وتبرز تمكن المملكة من الرئاسة وقيادة المجموعة، وكذلك لو حللنا كثيرا من هذه المستهدفات للاحظنا أن أغلبها تم تطبيقه سابقا في السعودية، فقد بدا من تمكين الانسان والمرأة إلى آخره، وهو مكافحة الفساد، لذلك ما تم وضعه في الأجندة ليس كلاما على الورق ومبادئ وأهداف ينادى بها، لكن هي بالفعل أهداف تم مسبقا العمل عليها على المستوى الوطني، ونرجو ونأمل أن نستطيع تعزيزها وتطويرها ونقلها للعالم، وهو ما يحدث - في تصوري - التميز في مجموعة العشرين لهذا العام.

 

نقلا عن الاقتصادية