الوصول للنتائج المستهدفة من الخطط الإستراتيجية الطموحة غالباً ما يواجه تحديات عديدة فالطريق ليس مفروشاً بالورود لكن الإرادة الصلبة والمتابعة الدقيقة وتوظيف الإمكانات المناسبة لكل مرحلة وقبل كل ذلك الاتكال على الله هو السبيل لتحقيقها، فرؤية المملكة 2030 م منذ اعتمادها قبل أربعة أعوام حققت نتائج كبيرة رغم التحديات التي واجهها الاقتصاد العالمي ونحن جزء منه وما جائحة كورونا التي أدخلت الاقتصاد العالمي بركود غير مسبوق في النصف الأول من هذا العام إلا أحد هذه التحديات التي تمكنت المملكة من مواجهة تداعياتها لتكون من أفضل عشر دول من مجموعة العشرين في التعامل معها اقتصادياً وصحياً بحزم تحفيز بلغت 218 مليار ريال بخلاف ما تم تخصيصه للقطاع الصحي.
فحديث سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله الذي أوضح فيه ما تحقق منذ اعتماد الرؤية من إنجازات على كافة الصعد بل إنه تم تحقيق بعض المستهدفات قبل الوقت المحدد لها سواء في قطاع الإسكان وارتفاع نسبة تملك السكن إضافة لتمكين المرأة لترتفع مشاركتها الاقتصادية بمقدار الضعف خلال هذه المدة القصيرة وكذلك تنشيط قطاعات كانت ذات أثر محدود جداً بالاقتصاد كالترفيه والسياحة وكذلك الصناعات التعدينية وكذلك الدور الرئيس لصندوق الاستثمارات العامة في ضخ استثمارات في قطاعات عديدة أسهمت بزيادة توليد الوظائف ونهوض قطاعات مهمة بالاقتصاد كانت خاملة فالأهداف الكبرى للرؤية تعد المرحلة السابقة لتعبيد الطريق للوصول لها. فقد ذكر سمو ولي العهد أن الهدف هو مضاعفة الناتج المحلي وأن قياس نجاح الخطط الاقتصادية هو من خلال قياس الناتج المحلي غير النفطي خصوصاً أن عجلة التنمية لن تتوقف بسبب تقلبات أسعار النفط لأن الإيرادات غير النفطية ارتفعت بنحو ثلاثة أضعاف من 100 مليار ريال إلى 360 مليار ريال ومع التوجه لتنفيذ المراحل المقبلة من الرؤية فإن دور القطاع الخاص سيزداد من خلال برامج الخصخصة مما سيعظم الإيرادات العامة، كما أن الهدف الآخر الذي ذكره سمو ولي العهد بتحسين دخل المواطن مما يدلل على تعزيز دوره في تنشيط عجلة نمو الاقتصاد، كما أن البطالة أوضح سموه بأنها من الأولويات والهدف تخفيض نسبة البطالة إلى 7 في المائة أي أن توليد الوظائف سترتفع وتيرته مع تنشيط القطاعات الجديدة المستهدفة والتأهيل المستمر للكوادر البشرية الوطنية.
فالرسالة المهمة التي يمكن قراءتها من حديث سموه الشفاف المدعم بالأرقام والحقائق يؤكد أن الرؤية ماضية لأهدافها وأن الدولة ملتزمة بها ولن يعيق تنفيذها أي تحديات فالسنوات الأربعة الماضية شهدت تقلبات حادة في أسعار النفط وأتت جائحة كورونا هذا العام لتزيد من حجم التحديات ومع ذلك تحققت الأهداف المرصودة للسنوات الأربعة منذ إطلاق الرؤية وهو ما يعزز الثقة بالاقتصاد الوطني ويجذب الاستثمارات له خصوصاً أن المملكة أنفقت عشرات المليارات في البنية التحتية الرقمية بحسب ما ذكره ولي العهد وهو ما يدعم قوة اقتصاد المملكة الذي وصفه سموه بأنه من أكبر اقتصادات العالم، وكون المملكة باتت من الدول الأولى بسرعات الإنترنت والدخول في تقنية الجيل الخامس فإن ذلك يعزز من تنافسيتها دولياً في أن تكون من الدول الريادية في تسارع وتيرة نموها الاقتصادي ومواكبة العصر الحديث وتعظيم الإنتاجية والتفوق التقني دولياً.
تدخل المملكة مرحلة ما بعد جائحة كورونا بخطى واثقة وقوة اقتصادية كبيرة مما سيعزز من تسارع نمو الاقتصاد وتحقيق مكاسب كبيرة بالعقد الحالي فهي ترتكز على مقومات اقتصادية ضخمة ولديها قوة مالية كبيرة أو إمكانات هائلة ورأس مال بشري مؤهل يعد الركيزة الأساسية في معادلة التنمية.
نقلا عن الجزيرة