تتولى السعودية مجموعة العشرين لهذا العام الذي يشهد جائحة لم يشهد العالم مثلها منذ نحو مائة عام. نعوذ بالله منها ومن كل شر. والمجموعة منتدى دولي سنوي لحكومات 19 دولة، وكذلك للاتحاد الأوروبي. وتعقد فعاليات كثيرة بين ورش عمل وندوات متخصصة واجتماعات وزارية مجدولة خلال كل عام تختم باجتماع قمة. وقمة هذا العام في 21 و22 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري.
لم تتضرر قيادة المملكة ولم تعق جهودها رغم الجائحة، بل لنا أن نقول بأداء استثنائي خلال الفعاليات التي سبقت القمة المقررة بعد أسبوع. ظهر الأداء الفعال في اجتماعات وأعمال وتحضيرات تلك الفعاليات. الجميع يرغب في عالم أفضل من حيث الاستقرار الاقتصادي والتعاون والأمن بمختلف جوانبه.
لم تكن الجائحة عائقا أمام استمرارية أعمال رئاسة المملكة لمجموعة العشرين، بل على العكس فقد حفزت الطاقات الدولية للعمل والسعي نحو حلول لهذه الأزمة. عقدت الاجتماعات وورش العمل تحت رئاسة المملكة ومجموعات التواصل، تحت ظل واقعنا الذي نراه بأم أعيننا بمنهجية تحمل قدرا كبيرا من الشجاعة والإبداع. الهدف السعي نحو عالم أفضل من حيث الاستقرار والأمن الصحي والغذائي.
آخر فعالية مجموعة الفكر 20 التي عقدت في نهاية الشهر الماضي، ناقشت بعمق موضوعات كثيرة تهم صحة واقتصاد البشرية، وعلى رأس الموضوعات التجارة العالمية والاستثمار والنمو، وتغير المناخ والبيئة وأهمية الاستثمار في البنية التحتية، ومستقبل التعاون الدولي متعدد الأطراف والحوكمة العالمية، وقضايا حيوية، على رأسها التعليم وسوق العمل وتمكين الشباب خاصة وظيفيا وفي جوانب أخرى تسهم في تحسين معيشة البشر. ومن الموضوعات تقوية أنظمة الحماية سواء لكوكب الأرض أو البنية الاجتماعية بمختلف جوانبها.
يعتمد اعتمادا قويا النجاح في تفعيل ما تمت مناقشته وطرحه من نتائج وتوصيات، يعتمد على نوعية التعاون الدولي بين الحكومات والمنظمات العالمية. وهنا للمملكة دور كبير في السعي نحو تحسين ورفع جودة هذا التعاون الدولي. ونوعية ما يواجه العالم من تحديات تزيد من أهمية جودة التعاون الدولي، بهدف تحقيق تنمية أفضل وأكثر استدامة.
وصلت الحالة الاقتصادية والمالية والأمنية عالميا إلى حالة تستوجب التعاون على البر والتقوى بين الدول والمنظمات. هنا ضعف في نوعية وجودة هذا التعاون. وللمملكة فرصة كبيرة في تحسين الوضع. وهذا التحسين سيضيف إنجازا كبيرا ضمن قائمة ما أنجزته بلادنا.
من التحسين تقوية المنظمات والهيئات الموجودة ذات الصلة بالموضوع.
بناء آليات إشراف ومراقبة ومتابعة تعمل على تلافي الأزمات قدر ما يمكن.
دعم الاقتصادات الأفقر، بما يحسن مستوى معيشة الناس.
بناء أدوات تعاون دولي أفضل. ويدعم ذلك عمل إصلاحات هيكلية بما يسهل تحقيق التعاون والتنسيق الدوليين.
هناك حاجة لتوسيع نطاق التعاون بين دول الشرق الأوسط ومجموعة العشرين، في مجالات عدة، مثلا، تنويع الصادرات للدول النامية مهم ومفيد جدا.
والحاجة قائمة لتحسين أو إعادة بناء عدة أنظمة كالنظام المالي بهدف دعم أهداف التنمية المستدامة.
ومهم جدا زيادة التعاون والتنسيق بين الدول في جهود الحد من أضرار كورونا، خاصة على الدول الفقيرة.
وفي هذا نتعلم التعاون والتنسيق للحد من أضرار أخرى، وعلى رأسها تغير المناخ والبيئة، والحفاظ على أمن الطاقة والمياه.
التغيرات التقنية تتطلب تطورات في منهجيات التعليم والتثقيف ونقل المعرفة خاصة للأجيال الجديدة.
لوحظ أن تطبيق توصيات اللقاءات في الأعوام السابقة لمجموعة العشرين كانت دون المؤمل والطموحات. وفي هذا، فإن للمملكة فرصة عمل جهود لتنسيق وحشد جهود قادة العالم بما يحقق أقصى ما يمكن تحقيقه من هذه النقاط. ومجموعة العشرين هي أنسب بنية لهذا التنسيق والحشد.
بصفة أعم التفكير بطريقة أفضل، وربما بطريقة كما قال المثل "تفكير خارج الصندوق".
يستند هذا التفكير على تعاون دولي قائم على البر وليس العدوان في علاقات الدول وفي العولمة. ولنا أن نتعلم من قوله تعالى "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان". توجيه عام للبشرية. أمر سبحانه جميع الخلق بالتعاون على البر والتقوى. والمعنى كما ذكر علماء تفسير معتبرون، أي ليعن بعضكم بعضا أيها البشر على ما فيه خير وانتهوا عما فيه شر.
وقال علماء إن البر والتقوى لفظان بمعنى واحد. وكرر بلفظ مختلف تأكيدا. والتعاون على البر والتقوى يكون بوجوه. وأما ترك التعاون على العدوان فعلى رأسه ترك ظلم الناس.
والخلاصة أن للتعاون أهمية كبيرة في تماسك المجتمع وتقويته وتقوية المحبة بين البشر. وكل هذا يساعد على تخفيف ما يصيب البشر من جوائح وأضرار. وبالله التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية
