هل تنعكس ربحية الشركات السعودية على حركة الأسهم؟

01/11/2020 5
د. فهد الحويماني

تبلغ نسبة الربح الموزع إلى سعر السهم في الأسهم السعودية نحو 3،75 في المائة، تزيد وتنخفض قليلا حسب حركة أسعار الأسهم، حيث تم توزيع 67 مليار ريال عام 2019 بقيمة سوقية بلغت نحو تريليوني ريال، وذلك قبل إدراج أسهم شركة أرامكو، وفي المقابل نجد أن نسبة الربح الموزع في الولايات المتحدة عادة لا تصل إلى 2 في المائة، كمتوسط لدى أكبر الشركات.

ما سبب هذا الارتفاع النسبي للتوزيعات النقدية في السوق السعودية؟ وهل الشركات السعودية تربح أكثر من نظيرتها الأمريكية؟

أولا يتم حساب نسبة الربح الموزع للسهم بقسمة مبلغ الأرباح الموزعة خلال العام بالسعر الحالي للسهم، مثلا شركة الاتصالات السعودية تمنح أربعة ريالات في العام، وعند سعر 100 ريال للسهم، نجد أن نسبة الربح الموزع إلى السعر 4 في المائة، وفي الوقت نفسه نجد أن نسبة الربح الموزع للقيمة الاسمية للسهم في هذه الحالة 40 في المائة، لأن القيمة الاسمية 10 ريالات، ونجد كذلك أن الربح الموزع يصل إلى نحو 80 في المائة من صافي الربح.

كمعلومة عامة، بعد الإعلان عن عزم الشركة توزيع أرباح للمساهمين يتم تحديد يوم معين بنهايته يحصل جميع ملاك السهم على أحقية الأرباح، وبعد ذلك حتى لو قام هؤلاء الملاك ببيع أسهمهم سيحصلون على الأرباح الموزعة، التي في الأغلب تودع في محافظ المساهمين خلال أقل من شهر واحد. وفي اليوم التالي لإعلان الأرباح ينخفض سعر السهم بمقدار الأرباح الموزعة. ولو فكرنا في ذلك قليلا لوجدنا أنه كلما قامت الشركة بتوزيع أرباح انخفض سعرها ولكن في الوقت نفسه ستزداد نسبة الربح الموزع إلى سعر السهم، بمجرد انخفاض سعر السهم!

الحقيقة أنه كلما كان الربح الموزع مستقرا، وربما متصاعدا في قيمته، فإنه يصبح بالغ الأهمية للمستثمر على المدى الطويل، لأن الربح الموزع في حقيقته عبارة عن العائد على الاستثمار. فمثلا لو استثمر شخص 100 ريال لشراء سهم تلك الشركة التي تمنح أربعة ريالات سنويا مقابل كل سهم، والتي لديها سياسة معلنة عن ثبات وربما زيادة الأرباح الموزعة مستقبلا، فإن هذا الشخص يحقق عائدا سنويا 4 في المائة، وبحكم أن من يقوم بذلك شخص مستثمر على المدى الطويل، فهو حقيقة لا يهتم كثيرا بتحركات سعر السهم اليومية، بل يكتفي بعائد 4 في المائة سنويا، وبعد عدة أعوام قد يبيع السهم بسعر أعلى من 100 ريال فيصبح العائد السنوي الفعلي بالنسبة له أعلى من 4 في المائة. وبالطبع ممكن على العكس أن ينخفض سعر السهم ولا يحقق العائد المطلوب.

إذن نسبة الربح الموزع لسعر السهم في السعودية مرتفعة، ولو نظرنا كذلك إلى نسبة التوزيع التي تعني نسبة الربح الموزع إلى صافي الدخل: أي مقدار الربح الموزع مقسوما على صافي الدخل فسنجدها كذلك مرتفعة لدينا، تصل إلى 80 في المائة كما رأينا في شركة الاتصالات السعودية، وتزيد على 100 في المائة لشركة أرامكو.

نعود إلى سبب ارتفاع نسبة التوزيعات النقدية، هل السبب أن ربحية الشركات السعودية أعلى من الشركات الأمريكية مثلا؟ هذا المؤشر يمكن الحصول عليه بسهولة من خلال مكرر الربحية، ويتم بقسمة سعر السهم على صافي الدخل للسهم الواحد. فنجد حاليا أن مكرر الربحية في سوق الأسهم السعودية نحو 18 ضعفا، هذا باستثناء الشركات الخاسرة، ونجده حاليا في أسهم الشركات الأمريكية (إس آند بي 500) نحو 28 ضعفا، وبالطبع هذه المكررات تتغير حسب حركة الأسهم.

فإذا كان مكرر الربحية في السوق السعودية 18 فإن ذلك يعني أنه في المتوسط أسعار الأسهم لدينا تعادل نحو 18 ضعف متوسط ربحية السهم الواحد، وبالتالي إذا قمنا بعكس هذا الرقم نحصل على نسبة صافي الدخل للسعر السوقي: أي هنا تكون 1 على 18 يساوي نحو 5،50 في المائة، بينما في السوق الأمريكية 1 على 28 يساوي 3،56 في المائة. أي أن متوسط صافي الدخل كنسبة من متوسط أسعار الأسهم يعد أعلى في السوق السعودية.

ولكن نستطيع معرفة قوة ربحية الشركات السعودية من خلال نسبة صافي الدخل إلى المبيعات، لا نسبتها إلى سعر السهم، وهذا يعطي دلالة أكثر دقة عند مقارنة ربحية الشركات السعودية بنظيرتها الأمريكية. فكم هي نسبة صافي الدخل إلى المبيعات في السوقين الأمريكية والسعودية؟

إذا نظرنا إلى أهم وأكبر 500 شركة أمريكية (إس آند بي 500) نجد أن متوسط نسبة صافي الدخل إلى المبيعات في الأعوام الخمسة ما قبل أزمة كورونا يبلغ 10،6 في المائة، أي في المتوسط كبرى الشركات الأمريكية تربح نحو عشرة سنتات من كل دولار مبيعات. وفي السعودية تتفاوت النسبة من عام إلى آخر، وتراوح بين 13 و18 في المائة، أي 13 إلى 18 هللة من كل ريال مبيعات.

إذن وجدنا هنا أن الشركات السعودية متفوقة في كل من (1) نسبة الربح الموزع إلى سعر السهم، (2) نسبة الربح الموزع إلى صافي الدخل، (3) نسبة صافي الدخل إلى المبيعات، و(4) مكرر الربحية. وهذا يجعلنا نختتم بتساؤل في بالغ الأهمية عن سبب عدم انعكاس هذه الربحية العالية على أسعار الأسهم وقيم المؤشرات؟ ولماذا نجد في المقابل الأسهم الأمريكية لا تزال تحقق ارتفاعات تاريخية منذ عدة أعوام؟

 

نقلا عن الاقتصادية