الحرب ضد الكربون ومُستقبل البترول

18/10/2020 0
د. أنور أبو العلا

اتفاقية باريس للمناخ تُطالب حكومات دول العالم، بضرورة تبني سياسات مناخية للمحافظة على أن لا يزيد متوسط درجة ارتفاع حرارة المناخ عن 2 درجة مئوية فوق درجة حرارة المناخ قبل الثورة الصناعية.    

من أجل تحقيق هذا الهدف، ينبغي التحكم في انبعاثات الغازات (تُسمى علمياً: GHGs) المؤثرة في تغير المناخ من صُنع الإنسان. أهم هذه الغازات غازين (من حوالي خمس غازات رئيسة) هما غاز أُكسيد الكربون وغاز الميثان.    

اتفاقية المناخ تُركز على غاز الكربون CO2 لأنه يبقى في الغلاف الجوي - وفقاً لتقارير IPCC - لمدة تتراوح من 30 إلى 90 سنة.   

المصدر الأساس للكربون من صُنع الإنسان هو احتراق الوقود الأحفوري (البترول والغاز والفحم). لذا يُطالبُ أنصار المناخ بعدم إنتاج الوقود الأحفوري وتركه مدفوناً تحت الأرض والتحول إلى المصادر المتجددة للطاقة.   

لقد وَجَدت حكومات الدول الأوروبية - لعدم وجود بترول لديهم - الفرصة السانحة في الحملة التي يشنها أنصار المناخ عالمياً ضد البترول. فاغتنموا بدورهم الفرصة بأن يبرروا فرضهم للضرائب العالية محلياً على البترول.

ويُطالبون بفرض ضريبة الكربون عالمياً على البترول. وكذلك محاولتهم التبني داخلياً والترويج عالمياً للسياسات المناخية التي تهدف إلى حظر بيع السيارات التي تستخدم البنزين والديزل بأسرع وقت مُمْكن في أرجاء العالم.    

هكذا تحوّلت البديهية التي كانت المتداولة منذ السبعينات باسم ذروة إنتاج البترول فأصبحت الآن تُسمى إعلامياً ذروة الطلب على البترول. وبالتالي تغيّرت الرسالة التي ترسلها للعالم مفهومية الذروة للبترول.    

يوجد فرق شاسع بين ذروة العرض وذروة الطلب وبالتالي الرسالة تختلف حسب مفهوم الذروة. فذروة العرض توحي بأن عرض البترول سيبدأ بالانخفاض التدريجي قسْراً مُسْتقبلاً. وأن ارتفاع سعر البترول المستمر أمر حتمي، يجب على العالم تطوير بدائل مستدامة للبترول كيْ لا ينهار اقتصاد العالم.   

بينما ذروة الطلب تعني أن الطلب على البترول هو الذي سيبدأ بالانخفاض التدريجي مُسْتقبلاً، وأنه ينبغي على الدول المالكة للبترول زيادة إنتاجهم - قبل أن يستغني عنه العالم - والمحافظة على سعر منخفض للبترول كي يستطيع البترول أن يستمر في المنافسة مع مصادر الطاقة البديلة للبترول.    

من أشهر الذين يروجون لذروة الطلب على البترول بعض تقارير صندوق النقد الدولي، فتقول: " ينبغي أن ينخفض سعر البترول إلى نحو 15 دولاراً للبرميل، بحلول العام 2042 لكي يستطيع البترول أن يُنافس الفحم"، (انْظر تقرير الصندوق بتاريخ 22 مايو 2017 وعنوانه: Oil beyond 2040).   

بينما نغمة أنصار ذروة العرض تقول: "سيرتفع سعر البترول فوق 150 دولاراً للبرميل، وسيواصل سعر البترول ارتفاعه لكي يستطيع الإنسان أن يُنتج المتبقي من البترول الصعب، وبترول القطب الشمالي، والبترول غير التقليدي العالي التكاليف".     

مقال الأسبوع المُقْبل - إن شاء الله - بعنوان: توقعات أوبك إلى العام 2045 (أين الخطأ يا منظمة أوبك؟).

 

نقلا عن الرياض