الصناعة السعودية

08/10/2020 1
فضل بن سعد البوعينين

ركزت رؤية المملكة 2030 على القطاعين الصناعي والتعديني، لضمان خلق قاعدة التنوع الاقتصادي إلى جانب القطاعات الأخرى. ومن أجل تحقيق الأهداف التنموية أعيد هيكلة الوزارات، وأنشئت وزارة الصناعة والثروة المعدنية للتركيز على القطاع الصناعي، وإعادة هيكلته وفق الرؤية المستقبلية وأهدافها التنموية، وبما يضمن التنوع الاقتصادي ورفع كفاءة مخرجات القطاع وبالتالي زيادة حجم الصادرات، وتلبية الطلب المحلي وبما يخفض من حجم الواردات التي تستحوذ على الجزء الأكبر من الفاتورة الحكومية بالعملات الأجنبية. إضافة إلى ذلك، فالقطاع الصناعي هو الأكثر خلْقاً للوظائف المباشرة، وغير المباشرة أيضاً، حيث تشكل في مجملها، أضعافاً مضاعفة من الوظائف المباشرة.

التحول الصناعي ليس بالأمر الهين، فهو عمل استراتيجي يحتاج إلى فترة زمنية طويلة لقطف النتائج، ولعلي أستشهد بقطاع البتروكيماويات القطاع الصناعي الثاني بعد النفط. النجاح المحقق في البتروكيماويات يعاد استنساخه في قطاع التعدين الذي بدأ في تحقيق نتائج لافتة، وأحسب أن وضع التشريعات المحفزة على الاستثمار والمعززة للشفافية، إضافة إلى المسح الجيولوجي وإصدار الخارطة التعدينية، سيساهم في تعزيز النتائج الإيجابية. ومثلما شكلت سابك نموذج النجاح الذي قاد قطاع البتروكيماويات لتحقيق مكاسبه الحالية، تمضي شركة معادن لقيادة قطاع التعدين ليكون القطاع الصناعي الأهم في الاقتصاد، والمحقق لأهداف التنوع وتعزيز الصادرات.

لم يعد الوقت متاحاً للتجارب، بل لتحقيق النتائج، الأمر الذي حمل القيادة على تمكين القطاع بشكل شمولي بدأ من الوزارة وخلق الهيئات المعززة للقطاع ومنها هيئتا المحتوى المحلي، والصادرات، إضافة إلى إنشاء بنك الصادرات ورفع رأس مال الصندوق الصناعي. بل إن اختيار وزير الصناعة والثروة المعدنية بخلفيته الصناعية وانتمائه للقطاع، هو جانب مهم من جوانب التمكين المعززة للنتائج. تركزت أولويات عمل الوزير بندر الخريف على معالجة التحديات التي أثقلت كاهل القطاع، ثم بدأ في خلق التواصل الأمثل مع أصحاب العلاقة، الشركات، قادة القطاعات الصناعية، الجهات الأكاديمية، والإعلام الذي يعتبره شريكا حقيقيا للوزارة والتنمية بشكل خاص.

متابعة لقاءات الوزير المكثفة والمتنوعة خلال الأسبوعين الماضيين يمكن أن تكشف عن آلية عمل الوزارة المستقبلية التي تعتمد التغذية الراجعة في عمليات البناء والإصلاح.

لقاء الوزير بندر الخريف مع كتاب الرأي، تحت مظلة الجمعية السعودية لكتاب الرأي، أسهم في تقديم رؤية الحكومة حيال القطاعين الصناعي والتعديني، ورؤية الوزارة في كل ماله علاقة بالصناعة، والتحول الصناعي المستهدف.

«معالجة تحديات القطاع الصناعي التي تحول دون ضخ الاستثمارات فيها» من أولويات العمل، فالمشروعات الصناعية رغم أهميتها الاستراتيجية إلا أنها مشروعات استثمارية يهدف ملاكها إلى الربح، وهذا ما يفرض على الوزارة تحسين بيئة الاستثمار الصناعي وجعله أكثر جاذبية للتدفقات الاستثمارية الأجنبية والمحلية. كما أنه من المهم اختيار الصناعات الاستراتيجية، والتي تحقق استغلالاً أمثل للموارد وتخلق مزيداً من الوظائف وتعزز الصادرات والاستثمارات.

يؤمن الوزير الخريف بأن معالجة ملف الاستيراد المفتوح والتعرفة الجمركية، والمسؤولية القانونية للمستوردين والموزعين يمكن أن تعزز تنافسية الصناعات المحلية التي لا يمكنها منافسة المنتجات الصينية الرخيصة. أعتقد أن تطبيق بعض أنظمة الحمائية المقبولة من منظمة التجارة العالمية أمر مهم لدعم الصناعة المحلية.

استكمال المواصفات السعودية يمكن أن يكون الداعم الأكبر للصناعات المحلية، والحاجز الصلب الذي يمنع تدفق السلع والمنتجات الرديئة والمغشوشة متدنية السعر.

لفتني اهتمام الوزير الخريف بالتحول الصناعي، والثورة الرابعة التي ربما تسببت في فقدان الكثير من الصناعات التقليدية أهميتها، وهي رؤية استراتيجية ستسهم في بناء الصناعة على قواعد المستقبل لضمان النجاح والاستدامة. المواءمة بين التنمية الصناعية وحماية البيئة، وتبني أكثر التشريعات البيئية صرامة، من المحاور المهمة التي أسهب فيها الوزير، وشدد على «عدم الرغبة في بناء صناعة على حساب البيئة» وهذا ما نتفق عليه جميعاً، ونتمنى تحقيقه على أرض الواقع.

 

نقلا عن الجزيرة