«التقاعد» تحذِّر من الأساليب الجديدة للاحتيال

09/09/2020 2
محمد العنقري

قبل أيام أصدرت المؤسسة العامة للتقاعد بيانًا، حذَّرت فيه من التعامل مع أي جهات استثمارية تزعم حصولها على تزكيات وتوصيات خاصة من المؤسسة، مؤكدة أن ما ورد في الأخبار المزيفة والمتداولة حول هيئات وشركات وساطة استثمارية معتمدة أو متعاونة مع المؤسسة غير صحيح جملة وتفصيلاً. فقد ظهر بشكل واسع على الكثير من المواقع على شبكة الإنترنت دعايات تسوّق إلى ما حذرت منه المؤسسة، إضافة إلى أساليب قصصية، يبدؤونها بعبارات مثل «تعرفوا كيف حقق شخص ما ثروة طائلة؟»، ويضعون أسماء معروفة لشخصيات عامة ثرية؛ وذلك لإضفاء المصداقية. وهذه تعد أولى مراحل نصب الشراك للإيقاع بالضحايا.

فاستخدام اسم مؤسسة عريقة مثل التقاعد ذات العلاقة بأغلب أفراد المجتمع من موظفي الدولة الرسميين بحكم أنها مسؤولة عن استلام اشتراكاتهم، وإدارتها كاستثمارات، وأيضًا تقديم الخدمات والمنافع للمتقاعدين، هو لإضفاء المصداقية على أساليبهم الاحتيالية؛ فلم يسبق للمؤسسة أن قدمت أي توصية أو بحث ذكرت فيه أي توصية استثمارية أو أشادت بأي مؤسسة مالية تدير أصولاً، سواء محليًّا أو عالميًّا؛ فهذا ليس عملها، كما أنها لا تتعامل مع عامة الناس، أو بمبدأ تجاري تقدم فيه توصيات أو أي تقارير عن الاستثمار وعالمه؛ فهي تعد من ركائز مؤسسات الحماية الاجتماعية؛ لتساعد الموظفين عند تقاعدهم على تكاليف الحياة وفق أنظمة التقاعد المعمول بها بالمملكة. وبما أنها عريقة في الاستثمار، ولها ثقلها فيه؛ فهم يستغلون مصداقيتها بأساليب الغش والخداع، وتأليف وفبركة مثل هذه الأخبار الكاذبة؛ لكي يسوّقوا لاحتيالهم؛ ولذلك جاء بيان المؤسسة في وقته. ومن المهم أن يطلع عليه الجميع على موقع المؤسسة الرسمي، ويساهموا بنشره لقطع الطريق على هذه العصابات التي لا يُعرف أين مقارها، ومن أي دولة يخاطبون مجتمعنا.

فأساليب الاحتيال لم تتوقف في أي يوم من الأيام، ولها طرق عديدة، وعالميًّا تقدر خسائر هذا النوع من الاحتيال بعشرات المليارات من الدولارات سنويًّا، والضحايا يعدون بالملايين، ويعتمدون في أساليبهم على تحريض العامل النفسي، ألا وهو الطمع عند الناس لإغرائهم بالأرباح الوهمية، ثم تقديم العروض الوهمية لهم إلى أن تكتمل كل جوانب عملية النصب، وبعدها يختفون، ولا يمكن الوصول لهم؛ فهي عصابات تدار من الخارج، وتستهدف الكثير من الدول، وتخاطبهم بلغتهم، وتستخدم أسماء موثوقة في تلك المجتمعات، إما لمؤسسات رسمية، أو لشخصيات عامة، لها جماهيريتها، أو ذات وزن وثقل في عالم المال والأعمال. وعلى مرّ تاريخنا الحديث كان هناك الكثير من عمليات النصب الضخمة حتى من قِبل شركات معروفة أو صناديق استثمار مرخصة، مثل شركة انرون للطاقة، وورلد كوم للاتصالات، وكذلك النصاب الشهير برنارد مادوف، وأيضًا بونزي أشهر النصابين الذي باتت طريقته يضرب بها المثل، وتستخدم من قِبل أتباعه بالنصب والاحتيال.

سهولة التواصل عالميًّا، وتحول العالم لقرية صغيرة، والتطور المذهل بالتقنية، بالرغم مما له من آثار إيجابية واسعة جدًّا، إلا أنه يستغل أيضًا في أساليب النصب والاحتيال، وخصوصًا مع سهولة تنقل الأموال، ويسر التعامل بالأسواق العالمية كافة، وفي نشاط يقدر بتريليونات الدولارات يوميًّا في تجارة العملات والسلع والأسهم. وقد وجد المحتالون ثغرات يمكنهم النفاذ منها للمجتمعات، واصطياد الضحايا ممن تغريهم الأرباح السهلة والضخمة التي يوهمونهم بها. ورغم حملات التوعية التي تقوم بها الجهات المعنية بين فترة وأخرى إلا أن أساليب النصب أيضًا تتطور؛ لذلك لا بد من الحذر، وضرورة الاستفسار من الجهات المختصة، أو البنك الذي تتعامل معه حول أي عروض تأتيك للاستثمار، وتقوم على بناء أحلام وردية للثراء السريع.

 

نقلا عن الجزيرة