استكمالا لسلسلة مقالات حول "معوقات سوق العمل في المملكة" نستمر في مناقشة عدد من الموضوعات أدت إلى وجود خلل في سوق العمل المحلية، يتأثر منه الاقتصاد الوطني، وطالبو العمل من المواطنين، وأي تعديلات في هذه السوق قد تتسبب في عدم ملاءمة خدمات القطاع للقدرات المعيشية للمجتمع وخروج كثير من المشاريع من نطاق الخدمة.
في جانب العمالة الوافدة التي ينظر إليها على أنها أحد أسباب خلل سوق العمل في القطاع الخاص بسبب قلة تكاليفها، وطبيعة العمل التي تتجاوب مع ساعات العمل الطويلة. من بين عوامل تأثير العمالة الوافدة، فإن العمالة التي تدخل للمملكة لا تلتزم أحيانا بمنطقة محددة، وهي المنطقة التي ترتبط بوجود المؤسسة التجارية التابعة لها، أو العقد الذي تعمل عليه هذه المنشأة، ونجد العمالة الوافدة تتنقل في أرجاء المملكة دون تقييد لمقر عمل أو التزام بمقر أو عقد تنفيذ. وهذا أوجد هجرة للقوى العاملة الوافدة وفتح المجال لممارسة التستر التجاري وأثر في منافسة القوى العاملة الوطنية. كما أنه أحد الأسباب لهروب العمالة الوافدة من مؤسساتها والعمل بحرية مع التأثير في جودة العمل. وفتح المجال أمام تشغيل أيد عاملة بسعر زهيد مع انعدام مقومات الاستقرار والاهتمام بمقومات الحياة لتلك الفئة من العاملين.
وجود عمالة وافدة رخيصة وغير محترفة، أثر سلبا في قدرة اليد العاملة الوطنية على المنافسة والوجود في سوق العمل. وبدأت حرب خفية لتشويه القوى العاملة الوطنية ووصمها بعدم الالتزام، والجدية، وضعف الدافع لممارسة العمل في كثير من المجالات والخدمات. وهذا أيضا تسبب في عدم القدرة على إلزام اليد العمالة الوطنية على المنافسة في سوق العمل الرخيصة، وعدم وجود محفزات تساعد على استمرار العاملين في قطاعات خدمية وإنتاجية كثيرة.
معادلة سوق العمل في القطاع الخاص معادلة معقدة جدا ترتبط بمستوى الدخل، ووضع الاقتصاد، والوضع المعيشي، وقدرة المشاريع على الاستمرار والمنافسة، في ظل وجود تباين كبير في هذه السوق. أي ضغط على هذه السوق سيتسبب في هروب كثير من المشاريع وخسارة مستثمرين. وبقاؤه على هذا الحال سيفاقم أضرار وجود العمالة الرخيصة وتفشي الإقامة غير الشرعية، وانحسار فرص الشباب السعودي في العمل. لذلك موضوع إيجاد سوق جاذبة للتوطين موضوع صعب ويحتاج إلى تكاتف الجهود من الجميع لمعالجة الوضع القائم، وتوفير بيئة مستقرة لسوق العمل حتى تحقق الفوائد المرجوة على المستوى الوطني.
نقلا عن الاقتصادية