فرص الاستثمار السياحي «1»

15/07/2020 1
د. عامر بن محمد الحسيني

في ظل الأوضاع الاستثنائية التي يعيشها العالم من جراء انتشار فيروس كورونا كوفيد - 19 وما تبعه من إجراءات اتخذتها الدول كان من أهمها إيقاف السفر والتنقل بين الدول للحد من سرعة وخطورة انتشار الفيروس. ونظرا لاستمرار هذه الإجراءات الاحترازية، ومخاطر الانتقال بين الدول، تبرز أهمية تهيئة البيئة المحلية لتوفير بدائل السياحة الخارجية وتهيئة المواقع والأماكن التي تمتاز بمقومات سياحية لتقديم خدمات هذا القطاع. ولنعترف بأن قطاع السياحة الداخلية كان من بين القطاعات التي لم تنل حقها من الاستثمار المؤسسي، أو الإبداع في تكوين الفرص المنافسة، وظل لأعوام طويلة يعمل بإمكانات محدودة رغم الطلب العالي عليه. جاءت هذه الظروف الاستثنائية لتبين أن الاستثمار الداخلي في قطاع السياحة والترفيه من أهم فرص الاستثمار التي تسهم في تحقيق رخاء اقتصادي على مستوى المناطق، وتسهم في إيجاد توازن بين ما يتم إنفاقه على السياحة خارجيا وبين زوار هذه المناطق من سكان المملكة أو زوارها من الخارج. الإنفاق على السياحة من السعوديين يقارب 100 مليار سنويا، في حين يبلغ الإنفاق على السياحة الداخلية نحو نصف هذا الرقم. وتشير تقارير السياحة الوافدة إلى أن أغلب القادمين يأتون من أجل أسباب دينية أو زيارة الأقارب، وهذا مؤشر على عدم تفعيل استثمار السياحة داخليا.

في مقال سابق عن منطقة عسير، كتبت أن هذه المنطقة التي حباها الله بكثير من الخصائص والميزات تفوق كثيرا من المناطق السياحية في العالم، التي تملك - بفضل الله - الإمكانات الأساسية والضرورية لنجاح صناعة السياحة المتخصصة. لكن يبقى السؤال الأهم: ما الاحتياجات الأساسية لنجاح الاستثمار السياحي في هذه المنطقة، وتطويره كمورد اقتصادي رئيس؟ وللإجابة عن هذا السؤال، يجب أن نذكر أن الدولة - حفظها الله - قدمت الكثير لتطوير وإيصال الخدمات الأساسية لمنطقة عسير رغم صعوبة تضاريسها وقلة الشركات المتخصصة للتطوير في هذه المنطقة، ومع ذلك، فإن الزائر لمنطقة عسير عندما يقارنها بكثير من المناطق أو الدول المجاورة يلاحظ فرقا شاسعا لمصلحة التنمية في منطقة عسير، ومع ذلك فالحاجة لا تزال ملحة إلى تطوير ومواكبة التقدم والتطور العالمي لنصل بهذا الجزء الغالي من وطننا إلى مصاف الدول المتقدمة في البنى التحتية والمشاريع السياحية الاستثمارية، فالمنطقة لا تزال في حاجة إلى شبكة طرق بمواصفات عالمية، إضافة إلى الرغبة في تطوير قطاع النقل من خلال تنفيذ مشاريع القطارات وتطوير المطارات ذات الطابع الدولي الذي سيتيح لهذه المنطقة فرصة للاستفادة القصوى من مواردها الطبيعية. إن استقطاب الاستثمار السياحي لهذه المنطقة سيسهم في توفير فرص تجارية وسياحية عديدة قد تستثمر في إنشاء وتطوير المجمعات والأسواق التجارية، ومراكز المناسبات والاحتفالات والمسارح، والمخيمات، وأماكن عقد المؤتمرات ومراكز التدريب المتخصصة وغير ذلك كثير.

القطاع الخاص يتحمل دورا كبيرا في تحقيق التنمية المستدامة، ومن هذا المنطلق فالاستثمار في قطاع السياحة والترفيه والأنشطة المرافقة لهما تتشارك في تنميته الجهات كافة. وحيث إن الاستثمار السياحي في دول أخرى حقق نجاحات ملموسة، فإن فتح الباب للمستثمر الأجنبي في قطاع السياحة ستكون له آثار إيجابية. وزارة السياحة وبالتعاون مع وزارة الثقافة والهيئة العامة للترفيه وصندوق الاستثمارات العامة تتشارك في مسؤولية استقطاب وتنمية مثل هذه الاستثمارات التي سيكون لها أثر كبير في التنمية السياحية بفكر اقتصادي يسهم في توفير الفرص الوظيفية، وتوطين الاستثمار. وفي المقال القادم نتحدث عن دور القطاع الخاص في تحقيق تنمية سياحية مستدامة وفرص استثمارية تطويرية.

 

نقلا عن الاقتصادية