يمر العالم أجمع بظروف اقتصادية استثنائية في ظل جائحة كورونا، الإغلاقات الاحترازية ساهمت بشكل كبير في شل الحركة الاقتصادية في أغلب دول العالم منذ شهر مارس الماضي، والمملكة جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي وساهمت بكل ما تملك من ثقل سياسي وصحي واقتصادي في محاربة الجائحة.
ولعل تعهد المملكة بتقديم 500 مليون دولار لدعم الجهود العالمية لمكافحة الجائحة أحد الأمثلة الكثيرة جداً على حرص القيادة على صحة الإنسان اولاً.
تطرقنا في الجزء الأول من هذا المقال الى ما طرأ من تحسن ملحوظ على أسعار النفط الخام منذ دخول اتفاقية أوبك بلس حيز التنفيذ، وما يصاحب ذلك من دعم كبير لميزانية الدولة عبر ارتفاع الايرادات النفطية التي ما زالت تشكل ما يقارب 65% من الدخل الحكومي في المملكة.
على الصعيد الداخلي كان قرار تعديل ضريبة القيمة المضافة من 5% الى 15% هو التعديل الأبرز في ظل جهود وزارة المالية لتعزيز أرصدة الخزينة.
ورد في عدد من التقارير الصحفية أن وزارة المالية تهدف لتحصيل إيرادات إضافية سنوية في حدود 24-26 مليار دولار عبر هذا القرار.
الا أنه مع التعافي السريع للإيرادات النفطية فأن الدخل الإضافي المتوقع بمشيئة الله من هذه الإيرادات في النصف الثاني من العام الحالي قد يلامس 18-20 مليار دولار وذلك استناداً على عدد من التوقعات والتقديرات الاقتصادية ويقارب هذا المبلغ ما قد يحصل من إيرادات ضريبة إضافية.
التحدي الأكبر الذي سيشهده السوق المحلي بعد ارتفاع قيمة الضريبة هو انخفاض القوة الشرائية مما سيؤثر بشكل مباشر على مبيعات قطاع التجزئة.
في شهر أبريل 2020 انخفضت المبيعات عبر نقاط البيع في المملكة بنسبة 33% بينما انخفضت السحوبات النقدية بنسبة 35%. ويعود ذلك لسببين رئيسيين أولهم الإغلاقات الاحترازية والثاني هو تحويل القطاع الخاص الى ما يقارب 450 ألف مواطن يعملون في القطاع الخاص الى نظام ساند لدعم الأجور.
بينما لا توجد معلومات مفصلة الى أكثر القطاعات استفادة من نظام ساند إلا أن قطاع التجزئة لا بد أن له حجمه.
وقطاع التجزئة في دوره له فصين، جزء مرتبط بالمواد الضرورية التي لا يستغني المستهلك عنها في حال من الأحوال وجزء أخر مرتبط بقطاعات قد يكون للمستهلك خيار الابتعاد عنها حتى ولو لمدة قصيرة.
ابتعاد المستهلك حتى وإن كان جزئياً عن قطاع العقار مثلاً ستكون له تداعيات كبيرة على الحركة العمرانية وبرامج الرؤية التي تهدف الى توفير المسكن للعائلة السعودية.
الابتعاد عن عدد من المنتجات الكمالية سيؤثر على عدد الموظفين السعوديين العاملين في هذه القطاعات كقطاع تجزئة السيارات والمجوهرات والعطور والفنون والترفيه ومنتجات أخرى كثيرة لا مجال لذكرها.
ارتفاع قيمة الضريبة المضافة له تداعياته أخرى التي ربما تؤثر على مستوى التنافسية للسوق المحلي في استقطاب الاستثمارات الأجنبية للمملكة التي هي الأخرى إحدى ركائز رؤية 2030